للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تناول أعراض الدّنيا «١» .

وقيل ترك ما لا بأس به حذرا ممّا به بأس.

وقيل هو: ترك الشّبهات وهو الورع المندوب، ويطلق على ترك المحرّمات «٢» .

وقال ابن تيمية: هو الورع عمّا قد تخاف عاقبته وهو ما يعلم تحريمه وما يشكّ في تحريمه، وليس في تركه مفسدة أعظم من فعله، وكذلك الاحتيال بفعل ما يشكّ في وجوبه لكن على هذا الوجه «٣» .

وقال ابن القيّم: ترك ما يخشى ضرره في الآخرة «٤» .

[كمال الورع:]

قال ابن تيميّة- رحمه الله تعالى-: تمام الورع أن يعلم الإنسان خير الخيرين وشرّ الشّرّين، ويعلم أنّ الشّريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها وإلّا فمن لم يوازن ما في الفعل والتّرك من المصلحة الشّرعيّة، والمفسدة الشّرعيّة فقد يدع واجبات ويفعل محرّمات، ويرى ذلك من الورع، كمن يدع الجهاد مع الأمراء الظّلمة ويرى ذلك ورعا، ويدع الجمعة والجماعة خلف الأئمّة الّذين فيهم بدعة أو فجور ويرى ذلك من الورع، ويمتنع عن قبول شهادة العباد وأخذ علم العالم لما في صاحبه من بدعة خفيّة، ويرى ترك قبول سماع هذا الحقّ الّذي يجب سماعه من الورع «٥» .

[الورع عن الحرام والمكروهات لا عن الواجبات والمستحبات:]

قال ابن تيميّة- رحمه الله تعالى- بعد كلام ذكر فيه الفرق بين الزّهد والورع: وبهذا يتبيّن أنّ الواجبات والمستحبّات لا يصلح فيها زهد ولا ورع، وأمّا المحرّمات والمكروهات فيصلح فيها الزّهد والورع «٦» .

ولذا يقول الجرجانيّ: هو اجتناب الشّبهات خوفا من الوقوع في المحرّمات.

وقيل: هو ملازمة الأعمال الجميلة «٧» .

[أنواع الورع ودرجاته:]

قسّم الرّاغب الأصفهانيّ الورع إلى ثلاث مراتب:

١- واجب: وهو الإحجام عن المحارم، وذلك للنّاس كافّة.

٢- مندوب: وهو الوقوف عن الشّبهات، وذلك للأواسط.

٣- فضيلة: وهو الكفّ عن كثير من المباحات والاقتصار على أقلّ الضّرورات، وذلك للنّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين «٨» .

وقال الشّيخ أبو إسماعيل الهرويّ- رحمه الله


(١) الذريعة إلى مكارم الشريعة (٣٢٣) .
(٢) دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين لمحمد بن علان (٣/ ٢٦) .
(٣) الفتاوى (١٠/ ٥١١- ٥١٢) .
(٤) الفوائد (١١٨) .
(٥) المرجع السابق (١٠ (٥١٢) .
(٦) المرجع السابق (١٠/ ٥١٢) .
(٧) التعريفات للجرجاني (٢٥٢) .
(٨) الذريعة إلى مكارم الشريعة (٣٢٣) .