للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحوقلة اصطلاحا:]

الحوقلة في الاصطلاح لا تختلف عن الحوقلة في معناها الأوّل وهو قول المسلم: لا حول ولا قوّة إلّا بالله مع اعتقاد لذلك وتصديق به.

قال ابن الأثير- رحمه الله تعالى-: الحولقة لفظة مبنيّة من قول: «لا حول ولا قوّة إلّا بالله» بتقديم اللّام على القاف ويكون تركيبها من «لا حول ولا قوّة إلّا بالله» ، وأمّا الحوقلة بتقديم القاف على اللّام فيكون تركيبها من «لا حول ولا قوّة إلّا بالله» والمعنيّ بهذا اللّفظ: إظهار الفقر إلى الله تعالى بطلب المعونة على ما يزاوله من الأمور، وهو حقيقة العبوديّة. وقيل المعنى:

لا حول عن معصية الله إلّا بعصمة الله، ولا قوّة على طاعة الله إلّا بمعونة الله «١» .

[قاعدة لا حول ولا قوة إلا بالله:]

ليس في الوجود الممكن سبب واحد مستقلّ بالتّأثير، بل لا يؤثّر سبب ألبتّة إلّا بانضمام سبب آخر إليه وانتفاء مانع يمنع تأثيره. هذا في الأسباب المشهودة بالعيان، وفي الأسباب الغائبة والأسباب المعنويّة كتأثير الشّمس في الحيوان والنّبات، فإنّه موقوف على أسباب أخر، من وجود محلّ قابل، وأسباب أخر تنضمّ إلى ذلك السّبب. وكذلك حصول الولد موقوف على عدّة أسباب غير وطء الفحل، وكذلك جميع الأسباب مع مسبّباتها، فكلّ ما يخاف ويرجى من المخلوقات فأعلى غاياته أن يكون جزء سبب غير مستقلّ بالتّأثير، فإنّه لو فرض أنّ ذلك سبب مستقلّ وحده بالتّأثير لكانت سببيّته من غيره لا منه، فليس له من نفسه قوّة يفعل بها؛ فإنّه لا حول ولا قوّة إلّا بالله، فهو الّذي بيده الحول كلّه والقوّة كلّها، فالحول والقوّة الّتي يرجى لأجلهما المخلوق ويخاف إنّما هما لله وبيده في الحقيقة. فكيف يخاف ويرجى من لا حول له ولا قوّة، بل خوف المخلوق ورجاؤه أحد أسباب الحرمان ونزول المكروه بمن يرجوه ويخافه؛ فإنّه على قدر خوفك من غير الله يسلّط عليك، وعلى قدر رجائك لغيره يكون الحرمان. وهذا حال الخلق أجمعه وإن ذهب عن أكثرهم علما وحالا، فما شاء الله كان ولا بدّ، وما لم يشأ لم يكن، ولو اتّفقت عليه الخليقة «٢» .

[للاستزادة: انظر صفات: الإنابة- التسبيح- التكبير- التهليل- الذكر- الاستغفار.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإعراض- الغرور- الغفلة- الإصرار على الذنب] .


(١) جامع الأصول (٤/ ٣٩٨) بتصرف يسير.
(٢) الفوائد (٧١- ٧٢) .