للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الآثار الواردة في ذمّ (الكرب)

١-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:

«أسلمت امرأة سوداء لبعض العرب، وكان لها حفش «١» في المسجد، قالت: فكانت تأتينا فتحدّث عندنا، فإذا فرغت من حديثها قالت:

ويوم الوشاح من تعاجيب ربّنا ... ألا إنّه من بلدة الكفر نجّاني

فلمّا أكثرت، قالت لها عائشة: وما يوم الوشاح؟. قالت: خرجت جويرية لبعض أهلي وعليها وشاح من أدم، فسقط منها، فانحطّت عليه الحديّا وهي تحسبه لحما، فأخذت، فاتّهموني به، فعذّبوني، حتّى بلغ من أمري أنّهم طلبوا في قبلي، فبينا هم حولي وأنا في كربي إذ أقبلت الحديّا حتّى وازت برءوسنا، ثمّ ألقته فأخذوه، فقلت لهم: هذا الّذي اتّهمتموني به وأنا منه بريئة) * «٢» .

٢-* (عن عبد الله بن الزّبير- رضي الله عنهما- قال: لمّا وقف الزّبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه فقال: يا بنيّ لا يقتل اليوم إلّا ظالم أو مظلوم، وإنّي لا أراني إلّا سأقتل اليوم مظلوما، وإنّ من أكبر همّي لديني، أفترى يبقي ديننا من ما لنا شيئا؟ فقال: يا بنيّ، بع ما لنا، فاقض ديني، وأوصى بالثّلث، وثلثه لبنيه- يعني عبد الله بن الزّبير، يقول: ثلث الثّلث- فإن فضل من ما لنا فضل بعد قضاء الدّين فثلثه لولدك، قال هشام:

وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزّبير- خبيب وعبّاد- وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بنيّ إن عجزت عن شىء منه فاستعن عليه مولاى، قال: فو الله ما دريت ما أراد حتّى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال:

الله، قال: فو الله ما وقعت في كربة من دينه إلّا قلت: يا مولى الزّبير اقض عنه دينه، فيقضيه. فقتل الزّبير- رضي الله عنه- ولم يدع دينارا ولا درهما، إلّا أرضين منها الغابة، وإحدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر ... إلى آخر الحديث) * «٣» .

[من مضار (الكرب)]

(١) دليل ضعف الدّين وقلّة اليقين.

(٢) يورث المرض من دون جدوى.

(٣) اتّباع للشّيطان وإغضاب للرّحمن.

(٤) دليل عدم الرّضا بالقدر.


(١) حفش: بيت صغير ذليل.
(٢) البخاري- الفتح ٧ (٣٨٣٥) .
(٣) البخاري- الفتح ٦ (٣١٢٩) .