للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفاؤل]

/ الآيات/ الأحاديث/ الآثار/

/-/ ٧/ ٣/

[الفأل لغة:]

ضدّ الطّيرة «١» والجمع فئول، وتفاءلت به «٢» والفأل: أن يكون الرّجل مريضا فيسمع آخر يقول يا سالم، أو يكون طالب ضالّة فيسمع آخر يقول يا واجد فيقول تفاءلت بكذا، ويتوّجه له في ظنّه كما سمع أنّه يبرأ من مرضه أو يجد ضالّته. والفأل يكون فيما يحسن وفيما يسوء. قال أبو منصور: من العرب من يجعل الفأل فيما يكره أيضا. وفي نوادر الأعراب يقال: لا فأل عليك بمعنى لا ضير عليك ولا طير عليك ولا شرّ عليك، وفي الحديث «لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل الصّالح» ، والفأل الصّالح:

الكلمة الحسنة. وقال: وهذا يدلّ على أنّ من الفأل ما يكون صالحا ومنه ما يكون غير صالح، وإنّما أحبّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الفأل؛ لأنّ النّاس إذا أمّلوا فائدة الله ورجوا عائدته عند كلّ سبب ضعيف أو قويّ فهم على خير، ولو غلطوا في وجهة الرّجاء فإنّ الرّجاء لهم خير، ألا ترى أنّهم إذا قطعوا أملهم ورجاءهم من الله كان ذلك من الشّرّ؟ وإنّما أخبر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن الفطرة كيف هي وإلى أيّ شيء تنقلب «٣» .

قال الماورديّ: فأمّا الفأل ففيه تقوية للعزم، وباعث على الجدّ، ومعونة على الظّفر؛ فقد تفاءل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزواته وحروبه. وروى أبو هريرة «أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سمع كلمة فأعجبته، فقال: أخذنا فألك من فيك» .

فينبغي لمن تفاءل أن يتأوّل بأحسن تأويلاته، ولا يجعل لسوء الظّنّ على نفسه سبيلا، فقد قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ البلاء موكّل بالمنطق» . وروي أنّ يوسف- عليه السّلام- شكا إلى الله تعالى طول الحبس، فأوحى الله تعالى إليه: يا يوسف، أنت حبست نفسك حيث قلت: «ربّ السّجن أحبّ إليّ» ولو قلت: العافية أحبّ إليّ لعوفيت. وحكي أنّ المؤمّل بن أميل الشّاعر لمّا قال يوم الحيرة:


(١) الطيرة المشار إليها هنا من الصفات المذمومة وهي الاسم من قولهم تطيرت من كذا وبه أي تشاءمت به وهي من الفأل الرديء. انظر الصحاح (٢/ ٧٢٨) .
(٢) والتفاؤل هو المصدر من هذا الفعل يقال تفاءلت تفاؤلا والصيغة هنا تدل على المطاوعة وهي قبول أثر الفعل أي أن المتفائل قد قبل وتأثر بما رأى من فأل حسن أو سمع من كلمة طيبة. انظر في معاني
صيغة تفاعل (شرح الشافية للرضي (١/ ٩٩) .
(٣) لسان العرب (١١/ ٥١٣- ٥١٤) .