للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عزّ وجلّ (في النحل/ ١٢٨) : إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ، وقوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (العنكبوت/ ٦٩) .

[حفظ الإنسان ورعايته:]

١١- ومن مظاهر تكريم الإنسان أن يحظى برعاية الله عزّ وجلّ وحفظه من السّوء، قال تعالى:

وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (الانفطار/ ١) ، وسخّر له الملائكة لحفظه، قال تعالى: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (الطارق/ ٤) ، وحفظه من وساوس وإغواء الشّيطان بتمكينه من الاستعاذة بربّ العالمين ليحميه من كيد هذا الشّيطان الرّجيم، يقول الله تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (فصلت/ ٣٦) ، وعلّمنا ربّنا كيف نستعيذ به من الشّيطان ومن كلّ شرّ في المعوّذتين: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ «١» . ومن تكريم الله عزّ وجلّ للإنسان المسلم أن جعل في القرآن شفاء لعلل النّفس والجسد وجعله بصائر للنّاس، فقال تعالى:

هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ «٢» ، وتتضمّن هذه البصائر القرآنية حقوق الإنسان الشّرعيّة العامّة والخاصّة وتجعلهم يقفون على ما لهم ويعرفون ما عليهم، فيؤدّون الواجبات المتعلّقة بالنّفس وبالغير، وقبل ذلك وبعده ما يجب عليهم من عبادة الواحد القهّار فيحفظون بذلك دينهم وأنفسهم وعقولهم وأموالهم وأعراضهم، كما أرشد القرآن إلى مكارم الأخلاق وحثّ عليها، يقول الله تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ (الإسراء/ ٩) .

١٢- تحريم دم الإنسان وماله وعرضه وتشديد النّكير وتغليظ العقوبة على من يفعل ذلك يقول الله عزّ وجلّ: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً (المائدة/ ٣٢) . وسنّ الله عزّ وجلّ الشّرائع السّماويّة العادلة الرّادعة لحماية هذه النّفس الإنسانيّة لقوله عزّ وجل: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة/ ١٧٩) .

١٣- ومن تكريم الإنسان في الإسلام إعطاء حقّ المساواة لكلّ فرد مع الاخرين، فلا يتفاضل أحد على أحد إلّا بالتّقوى والعمل الصّالح إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ (الحجرات/ ١٣) ، وبهذا الحقّ يتساوى النّاس جميعا في تطبيق أحكام الشّرع الحنيف، ويحصلون جميعا على فرص متكافئة في العمل والتّعليم والعلاج ونحو ذلك، لا فرق بين غنيّ وفقير وشريف ووضيع، وقويّ وضعيف، وعربيّ وعجميّ، وفي ظلّ مجتمع المساواة يسود الإنصاف وتعمّ العدالة وتنتشر الألفة، ويتلاشى الكبر، ولا أدلّ على ذلك من هذا التّطبيق العمليّ المتمثّل في فرائض الصّلاة والصّيام والحجّ حيث يقف المصلّون والصّائمون والحجّاج جميعا أمام الله سواء.

١٤- وأخيرا يأتي التّكريم الأعظم في الاخرة بما أعدّه الله للطّائعين من الكرامة في دار المقام حيث يدخلهم الجنّة يتمتّعون فيها بنضرة النّعيم ويحظون بالرّضوان والفضل العظيم، وقال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ


(١) انظر: صفة الاستعاذة.
(٢) انظر: صفة النظر والتبصر.