للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بطاعة أمره وبعدهم عن الله بعصيانه ومخالفته «١» .

قال شيخ الإسلام ابن تيميّة: الولاية: ضدّ العداوة. وأصل الولاية: المحبّة والتّقرّب، وأصل العداوة: البغض والبعد. فإذا كان وليّ الله هو الموافق المتابع له فيما يحبّه ويرضاه، ويبغضه ويسخطه ويأمر به وينهى عنه، كان المعادي لوليّه معاديا له. كما قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ (الممتحنة: ١) . فمن عادى أولياء الله فقد عاداه، ومن عاداه فقد حاربه «٢» .

ومسمّى الموالاة لأعداء الله: يقع على شعب متفاوته، منها ما يوجب الرّدّة وذهاب الإسلام بالكلّيّة ومنها ما هو دون ذلك من الكبائر والمحرّمات «٣» .

[معنى الولي من أسماء الله الحسنى:]

والوليّ في أسماء الله الحسنى وهو النّاصر، وقيل:

المتولّي لأمور العالم والخلائق، القائم بها.

وقال الإمام الغزاليّ- رحمه الله-: هو المحبّ النّاصر، ومعنى محبّته قد جاء في صفة المحبّة ومعنى نصرته ظاهر فإنّه يقمع أعداء الدّين وينصر أولياءه.

قال تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا، وقال: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ «٤» .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأمّا الجمهور فيقولون: الولاية والعداوة وإن تضمّنتا محبّة الله ورضاه وبغضه وسخطه، فهو سبحانه يرضى عن الإنسان ويحبّه، بعد أن يؤمن ويعمل صالحا، وإنّما يسخط عليه ويغضب بعد أن يكفر «٥» .

قال القحطانيّ: والولاء والولاية: هي النّصرة والمحبّة والإكرام والاحترام والكون مع المحبوبين ظاهرا وباطنا. قال تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ (البقرة/ ٢٥٧) . فموالاة الكفّار تعني التّقرّب إليهم وإظهار الودّ لهم بالأقوال والأفعال والنّوايا «٦» .

[من معاني الموالاة في القرآن الكريم:]

وردت للفظ الولاية وما اشتقّ منها الوجوه الآتية:

١- المولى: بمعنى الولد، وذلك قول زكريّا في (سورة مريم/ ٥) : فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يعني الولد.

٢- الوليّ: يعني الصّاحب من غير قرابة، وذلك قوله فى (سورة بني إسرائيل/ ١١١) : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ يعني لم يكن له صاحب يتعزّز به من ذلّ، وكقوله في (سورة الكهف/ ١٧) : وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً يعني صاحبا مرشدا.

٣- الوليّ: يعني القرابة، وذلك قوله تعالى في (سورة فصلت/ ٣٤) كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ يعني: قريبا وقال في (سورة العنكبوت/ ٢٢) : وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ* يعني من قريب يمنعكم، يعني الكفّار.

٤- الوليّ: يعني الرّبّ وذلك قوله في (سورة الأنعام/ ١٤) : قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا يعني ربّا.

فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. وقال في (سورة يونس/ ٣٠) : وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ يعني ربّهم.


(١) كتاب الايمان لنعيم ياسين (١٩٠) .
(٢) المقصد الأسنى (١٢٩) .
(٣) الفرقان لابن تيمية (٧) .
(٤) الرسائل المفيدة لعبد الله آل الشيخ (٤٣) .
(٥) الفتاوى (٧/ ٤٤٢) .
(٦) الولاء والبراء (٨٩- ٩٠) .