للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحاديث الواردة في ذمّ (الجزع)

١-* (عن عمرو بن تغلب- رضي الله عنه-:

أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أتي بمال، أو سبي، فقسمه، فأعطى رجالا وترك رجالا. فبلغه أنّ الّذين ترك عتبوا، فحمد الله ثمّ أثنى عليه ثمّ قال: «أمّا بعد فو الله إنّي لأعطي الرّجل والّذي أدع أحبّ إليّ من الّذي أعطي، ولكن أعطي أقواما لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع، وأكل أقواما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير، فيهم عمرو بن تغلب» ، فو الله ما أحبّ أنّ لي بكلمة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حمر النّعم» ) * «١» .

٢-* (عن جابر- رضي الله عنه- أنّ الطّفيل ابن عمرو الدّوسيّ أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، هل لك في حصن حصين ومنعة؟ فأبى ذلك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم للّذي ذخر الله للأنصار، فلمّا هاجر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة هاجر إليه الطّفيل بن عمرو وهاجر معه رجل من قومه فاجتووا المدينة فمرض فجزع فأخذ مشاقص «٢» له فقطع بها براجمه «٣» فشخبت «٤» يداه حتّى مات فرآه الطّفيل بن عمرو في منامه، فرآه وهيئته حسنة ورآه مغطّيا يديه فقال ما صنع بك ربّك؟ فقال:

غفر لي بهجرتي إلى نبيّه صلّى الله عليه وسلّم. فقال: ما لى أراك مغطّيا يديك؟ قال: قيل لي لن نصلح منك ما أفسدت، فقصّها الطّفيل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهمّ وليديه فاغفر» ) * «٥» .

٣-* (عن محمود بن لبيد أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا أحبّ الله قوما ابتلاهم. فمن صبر فله الصّبر ومن جزع فله الجزع» ) * «٦» .

٤-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:

إنّا كنّا أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عنده جميعا لم تغادر منّا واحدة فأقبلت فاطمة- عليها السّلام- تمشي- ولا والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- فلمّا رآها رحّب قال: «مرحبا بابنتي ثمّ أجلسها عن يمينه- أو عن شماله- ثمّ سارّها فبكت بكاء شديدا، فلمّا رأى حزنها سارّها الثّانية فإذا هي تضحك. فقلت لها أنا من بين نسائه: خصّك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالسّرّ من بيننا ثمّ أنت تبكين؟ فلمّا قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سألتها: عمّ سارّك؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرّه. فلمّا توفّي قلت لها: عزمت عليك بما لي عليك من الحقّ لما أخبرتني. قالت: أمّا الآن فنعم، فأخبرتني قالت: أمّا حين سارّني في الأمر الأوّل فإنّه أخبرني أنّ جبريل كان يعارضه بالقرآن كلّ سنة مرّة، وأنّه قد عارضني به العام مرّتين، ولا أرى الأجل إلّا قد


(١) البخاري- الفتح ٢ (٩٢٣)
(٢) مشاقص: جمع مشقص وهو سهم فيه نصل عريض.
(٣) براجمه: هي مفاصل الأصابع.
(٤) فشخبت يداه: سال دمها، وقيل: سال بقوة.
(٥) مسلم (١١٦) .
(٦) قال المنذري في الترغيب والترهيب (٤/ ٢٨٣) واللفظ له رواه أحمد ورواته ثقات، ومحمود بن لبيد رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم واختلف في سماعه منه. وقال الهيثمي في المجمع (٢/ ٢٩١) : رواه أحمد ورواته ثقات.