للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمّا توفّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطّاب لأبي بكر:

كيف تقاتل النّاس، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا لا إله إلّا الله، فمن قال لا إله إلّا الله فقد عصم منّي ماله ونفسه إلّا بحقّه وحسابه على الله. فقال أبو بكر: والله! لأقاتلنّ من فرّق بين الصّلاة والزّكاة، فإنّ الزّكاة حقّ المال، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدّونه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لقاتلتهم على منعه. فقال عمر بن الخطّاب: فو الله ما هو إلّا أن رأيت الله- عزّ وجلّ- قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنّه الحقّ) * «١» .

() الأحاديث الواردة في (الزكاة) معنى

٢٤-* (عن عبد المطّلب بن ربيعة بن الحارث رضي الله عنه- قال: اجتمع ربيعة بن الحارث والعبّاس بن عبد المطّلب، فقالا: والله لو بعثنا هذين الغلامين (قالا لي وللفضل بن عبّاس) إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فكلّماه، فأمّرهما على هذه الصّدقات، فأدّيا ما يؤدّي النّاس، وأصابا ممّا يصيب النّاس قال: فبينما هما في ذلك جاء عليّ بن أبي طالب، فوقف عليهما، فذكرا له ذلك. فقال عليّ بن أبي طالب: لا تفعلا. فو الله ما هو بفاعل. فانتحاه «٢» ربيعة بن الحارث، فقال: والله ما تصنع هذا إلّا نفاسة «٣» منك علينا، فو الله لقد نلت صهر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فما نفسناه عليك. قال عليّ:

أرسلوهما، فانطلقا، واضطجع عليّ. قال: فلمّا صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الظّهر سبقناه إلى الحجرة، فقمنا عندها، حتّى جاء فأخذ بآذاننا، ثمّ قال: «أخرجا ما تصرّران «٤» » . ثمّ دخل، ودخلنا عليه، وهو يومئذ عند زينب بنت جحش. قال فتواكلنا «٥» الكلام، ثمّ تكلّم أحدنا فقال: يا رسول الله أنت أبرّ النّاس وأوصل النّاس، وقد بلغنا النّكاح فجئنا لتؤمّرنا على بعض هذه الصّدقات، فنؤدّي إليك كما يؤدّي النّاس، ونصيب كما يصيبون. قال: فسكت طويلا حتّى أردنا أن نكلّمه. قال: وجعلت زينب تلمع «٦» علينا من وراء الحجاب أن لا تكلّماه قال: ثمّ قال: «إنّ الصّدقة لا تنبغي لآل محمّد، إنّما هي أوساخ النّاس، ادعوا لي محمية (وكان على الخمس) ونوفل بن الحارث بن عبد المطّلب» . قال فجاءاه. فقال لمحمية «٧» : «أنكح هذا الغلام ابنتك (للفضل بن عبّاس) » فأنكحه.

وقال لنوفل بن الحارث: «أنكح هذا الغلام ابنتك» (لي) فأنكحني، وقال لمحمية: «أصدق عنهما «٨» من


(١) البخاري- الفتح ١٣ (٧٢٨٤، ٧٢٨٥) ، ومسلم (٢٠) واللفظ له.
(٢) فانتحاه: عرض له وقصده.
(٣) نفاسة: حسدا.
(٤) ما تصرران: ما تسرران.
(٥) التواكل: أن يكل كل واحد أمره إلى صاحبه.
(٦) تلمع: تشير.
(٧) محمية: اسم رجل كان على الخمس.
(٨) أصدق عنهما: أدّ عنهما صداقهما.