للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث الواردة في (الشورى)]

١-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: أتاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «إنّي سأعرض عليك أمرا، فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتّى تشاوري أبويك» . فقلت: وما هذا الأمر؟. قالت: فتلا عليّ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا* وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (الأحزاب/ ٢٨- ٢٩) . قالت عائشة: فقلت: وفي أيّ ذلك تأمرني أشاور أبويّ، بل أريد الله ورسوله والدّار الآخرة.

قالت: فسرّ بذلك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأعجبه، وقال سأعرض على صواحبك ما عرضت عليك، قالت: فقلت له:

فلا تخبرهنّ بالّذي اخترت، فلم يفعل، وكان يقول لهنّ كما قال لعائشة، ثمّ يقول: قد اختارت عائشة الله ورسوله والدّار الآخرة، قالت عائشة: قد خيّرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلم نر ذلك طلاقا) * «١» .

٢-* (عن أبي برزة الأسلميّ- رضي الله عنه- أنّ جليبيبا كان امرأ يدخل على النّساء يمرّ بهنّ ويلاعبهنّ، فقلت لامرأتي: لا يدخلنّ عليكم جليبيب، فإنّه إن دخل عليكم لأفعلنّ ولأفعلنّ، قال: وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيّم «٢» لم يزوّجها، حتّى يعلم هل للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيها حاجة أم لا؟، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لرجل من الأنصار: «زوّجني ابنتك» ، فقال: نعم وكرامة يا رسول الله ونعمة عيني، فقال: إنّي لست أريدها لنفسي، قال: فلمن يا رسول الله؟ قال: «لجليبيب» ، قال: فقال: يا رسول الله أشاور أمّها فأتى أمّها، فقال: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يخطب ابنتك، فقالت: نعم ونعمة عيني، فقال: إنّه ليس يخطبها لنفسه، إنّما يخطبها لجليبيب، فقالت: أجليبيب؟، إنيه «٣» أجليبيب؟ إنيه. أجليبيب؟

إنيه لا. لعمر الله لا تزوّجه، فلمّا أراد أن يقوم ليأتي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليخبره بما قالت أمّها، قالت الجارية:

من خطبني إليكم؟ فأخبرتها أمّها، فقالت: أتردّون على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمره، ادفعوني. فإنّه لم يضيّعني.

فانطلق أبوها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبره، قال: شأنك بها فزوّجها جليبيبا، قال: فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة له، قال: فلمّا أفاء الله عليه قال لأصحابه:

«هل تفقدون من أحد؟» ، قالوا: نفقد فلانا ونفقد فلانا. قال: «انظروا هل تفقدون من أحد؟» . قالوا: لا.

قال: «لكنّي أفقد جليبيبا» . قال: «فاطلبوه في القتلى» قال: فطلبوه فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثمّ قتلوه. فقالوا: يا رسول الله! ها هو ذا إلى جنب سبعة قد


(١) أحمد (٦/ ١٨٥) واللفظ له. وأصله عند البخاري- الفتح ٨ (٤٦٨٦) . ومسلم (١٤٧٨) .
(٢) أيّم: العزب رجلا كان أو امرأة.
(٣) إنيه: بكسر الهمزة والنون وسكون الياء وبعدها هاء كلمة تستعملها العرب في الإنكار.