للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لَظُلْمٌ عَظِيمٌ هل هي من كلام لقمان أو من كلام المولى- عزّ وجلّ-؟ والرّاجح أنّها من كلام المولى- عزّ وجلّ- والشّرك بالله في اعتقاد جلب النّفع ودفع الضّارّ، وليس الكفر بالله لأنّه لو كان كفرا لما ذهب بالتّوكّل. والشّريك في تلبية أهل الجاهليّة هو الصّنم، وذلك قولهم: «لبّيك لا شريك لك إلّا شريكا هو لك، تملكه وما ملك» يريدون أنّ الصّنم وما يملكه ويختصّ به من الآلات الّتي تكون عنده وحوله والنّذور الّتي كانوا يتقرّبون بها إليه ملك لله تعالى.

قال ابن منظور (وبمثل قوله تقول) : اللهمّ، إنّا نسألك صحّة التّوحيد والإخلاص في الإيمان، انظر إلى هؤلاء لم ينفعهم طوافهم ولا تلبيتهم ولا قولهم عن الصّنم هو لك، ولا قولهم: تملكه وما ملك، مع تسميتهم الصّنم شريكا، بل حبط عملهم بهذه التّسمية، ولم يصحّ لهم التّوحيد مع الاستثناء ولا نفعتهم معذرتهم بقولهم إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى (الزمر/ ٣) «١» . لأنّ المناسب لتسكين إشفاقهم أن يكون خبرا من الله تعالى «٢» ، وقول الله تعالى:

وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (النحل/ ١٠٠) معناه:

الّذين صاروا مشركين بطاعتهم للشّيطان، وليس المعنى أنّهم أشركوا بالشّيطان وآمنوا بالله، ولكن عبدوا الله وعبدوا معه الشّيطان، وصاروا بذلك مشركين، وقال الطّبريّ: المعنى: الّذين هم بالله مشركون أي أنّ الهاء ضمير عائد إلى المولى- عزّ وجلّ- وعن مجاهد قال:

يعدلون بربّ العالمين، وقيل: عدلوا إبليس بربّهم فإنّهم بالله مشركون «٣» . وقال القرطبيّ: روي عن بعضهم «به» أي بالشّيطان. والمعنى: الّذين هم من أجله مشركون (أي أنّ الباء للسّببيّة) ، يقال: كفرت بهذه الكلمة أي أهلها، وصار فلان بك عالما، أي والّذي تولّى الشّيطان هو بذلك مشرك بالله «٤» ، وجاء في الحديث الشّريف: «من حلف بغير الله فقد أشرك» حيث جعل ما لا يحلف به محلوفا به كاسم الله الّذي يكون به القسم، وأمّا قوله صلّى الله عليه وسلّم «الطّيرة شرك» ولكنّ الله يذهبه بالتّوكّل» قال ابن الأثير: جعل التّطيّر شركا.

[الشرك اصطلاحا:]

وقال المناويّ: الشّرك إمّا أكبر، وهو إثبات الشّريك لله تعالى، أو أصغر وهو مراعاة غير الله في بعض الأمور «٥» .

[أقسام الشرك:]

قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى-: الشّرك نوعان: أكبر وأصغر.

فالشّرك الأكبر: لا يغفره الله إلّا بالتّوبة منه: وهو أن يتّخذ من دون الله ندّا، يحبّه كما يحبّ الله. وهو الشّرك الّذي تضمّن تسوية آلهة المشركين بربّ


(١) لسان العرب (١٠/ ٤٤٨- ٤٥٠) ، وانظر: تاج العروس (١٤٨- ١٥٠) ، والنهاية (٢/ ٤٦) .
(٢) تفسير القرطبي (١٤/ ٤٣) .
(٣) تفسير الطبري (٧/ ٦٤٦) .
(٤) تفسير القرطبي (١٠/ ١١٦) .
(٥) التوقيف (٢٠٣) .