للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحاديث الواردة في ذمّ (سوء الظن)

١-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:

ألا أحدّثكم عنّي وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قلنا: بلى.

قالت: لمّا كانت ليلتي الّتي كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيها عندي. انقلب فوضع رداءه، وخلع نعليه، فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه، فاضطجع. فلم يلبث إلّا ريثما ظنّ أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويدا، وانتعل رويدا، وفتح الباب فخرج. ثمّ أجافه «١» رويدا. فجعلت درعي في رأسي، واختمرت «٢» وتقنّعت إزاري. ثمّ انطلقت على إثره. حتّى جاء البقيع فقام. فأطال القيام. ثمّ رفع يديه ثلاث مرّات. ثمّ انحرف فانحرفت. فأسرع فأسرعت. فهرول فهرولت. فأحضر فأحضرت «٣» .

فسبقته فدخلت. فليس إلّا أن اضطجعت فدخل.

فقال: «مالك؟ يا عائش حشيا رابية «٤» » قالت: لا شيء. قال: «لتخبريني أو ليخبرنّي اللّطيف الخبير» .

قالت: قلت: يا رسول الله،- بأبي أنت وأمّي- فأخبرته. قال: «فأنت السّواد «٥» الّذي رأيت أمامي؟» قلت: نعم. فلهدني «٦» في صدري لهدة أو جعتني. ثمّ قال: «أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟» قالت: مهما يكتم النّاس يعلمه الله. نعم.

قال: «فإنّ جبريل أتاني حين رأيت. فناداني. فأخفاه منك. فأجبته. فأخفيته منك. ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك. وظننت أن قد رقدت. فكرهت أن أوقظك. وخشيت أن تستوحشي، فقال: إنّ ربّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم» قالت: قلت:

كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: «قولي: السّلام على أهل الدّيار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين. وإنّا إن شاء الله بكم للاحقون» ) * «٧»

٢-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إيّاكم والظّنّ؛ فإنّ الظّنّ أكذب الحديث. ولا تحسّسوا، ولا تجسّسوا، ولا تنافسوا «٨» ، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا» ) * «٩» .


(١) أجافه: أغلقه.
(٢) اختمرت: لبست خماري.
(٣) فأحضر فأحضرت: الإحضار العدو أي فعدا فعدوت وهو فوق الهرولة.
(٤) حشيا رابية: أى قد وقع عليك الحشا وهو الربو والتهيج الذى يعرض للمسرع فى مشيه، والمحتد فى كلامه من ارتفاع النّفس وتواتره.
(٥) السواد: أي الشخص.
(٦) لهدني: ضربني.
(٧) مسلم (٩٧٤) .
(٨) ولا تنافسوا: المعنى هو التباري في الرغبة في الدنيا وأسبابها وحظوظها.
(٩) البخاري- الفتح ١٠ (٦٠٦٦) ، ومسلم (٢٥٦٣) واللفظ له.