للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طلب وتكلّف، وأمّا السّرعة فكأنّها غريزة، يقال: أسرع أي طلب ذلك من نفسه وتكلّفه كأنّه أسرع المشي أي عجّله، وأمّا سرع فلان، فالمعنى أنّ السّرعة فيه طبع وسجيّة «١» ، أمّا قول الله عزّ وجلّ: وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ (آل عمران/ ١٣٣) فالمعنى سارعوا إلى ما يوجب المغفرة وهي الطّاعة، وقيل أداء الفرائض، وقيل الإخلاص، وقيل: التّوبة من الرّبا، وقيل: الثّبات في القتال، وقيل غير هذا، قال القرطبيّ: والآية عامّة في الجميع، ومعناها معنى اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ

(البقرة/ ١٤٨) الّتي تتضمّن الحثّ والاستعجال على جميع الطّاعات بالعموم» «٢» .

[المسارعة في الخيرات اصطلاحا:]

لم تذكر كتب المصطلحات- الّتي وقفنا عليها- «المسارعة» في الخيرات مصطلحا، ويمكن أن نعرّف ذلك من خلال ما كتبه اللّغويّون والمفسّرون فنقول: المسارعة في الخيرات: هي المبادرة إلى الطّاعات والسّبق إليها والاستعجال في أدائها وعدم الإبطاء فيها أو تأخيرها.

[المسارعة والمسابقة والمبادرة:]

هذه الألفاظ الثّلاثة متقاربة المعنى إلى حدّ كبير، ومع أنّ بينها فروقا في الاستعمال في كثير من السّياقات، إلّا أنّ بينها ما يسمّيه بعض اللّغويّين بالتّرادف الجزئيّ ويراد به أن يستعمل اللّفظان أو الألفاظ استعمالا واحدا في بعض السّياقات دون بعضها الآخر، والألفاظ الثّلاثة (المسارعة- المسابقة- المبادرة) من هذا القبيل، أي إنّها عند الاقتران بالخيرات أو العمل الصّالح يكون لها المعنى نفسه، وقد كثر لفظ «المبادرة» في الحديث الشّريف، ولفظ المسارعة في القرآن الكريم، أمّا المسابقة فقد وردت فيهما على سواء، ومن الألفاظ الحديثيّة الّتي تؤدّي معنى المسارعة أو المبادرة، لفظ التّبكير وخاصّة إذا اقترن بأداء الصّلاة.

[للاستزادة: انظر صفات: الإغاثة- البر- بر الوالدين- التعاون على البر والتقوى- الطاعة- العبادة- الإحسان- الكرم- المروءة.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإهمال- البخل- التخاذل- التفريط والإفراط- التهاون- الشح- الإعراض- اتباع الهوى] .


(١) لسان العرب ٨/ ١٥١ (ط. بيروت) ، وقد نقل هذا الفرق عن سيبويه.
(٢) تفسير القرطبي ٤/ ٢٠٣، وفي معنى «استبقوا الخيرات» ٢/ ١٦٥