للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (نقض العهد)

١-* (قال ابن هشام: كان من حديث بني قينقاع أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم جمعهم بسوق بني قينقاع، ثمّ قال: «يا معشر يهود، احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النّقمة، وأسلموا، فإنّكم قد عرفتم أنّى نبيّ مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم» قالوا: يا محمّد، إنّك ترى أنّا قومك؟! لا يغرّنّك أنّك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة.

إنّا والله لئن حاربناك لتعلمنّ أنّا نحن النّاس. قال ابن إسحاق: فحدّثني مولى لآل زيد بن ثابت عن سعيد ابن جبير- أو عن عكرمة- عن ابن عبّاس قال: ما نزل هؤلاء الآيات إلّا فيهم: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ* قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا. أي أصحاب بدر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقريش فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (آل عمران/ ١٣) . قال ابن إسحاق: وحدّثني عاصم بن عمر بن قتادة: أنّ بني قينقاع كانوا أوّل يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وحاربوا فيما بين بدر وأحد. قال ابن هشام: وذكر عبد الله بن جعفر بن المسور بن مخرمة عن أبي عون قال: كان من أمر بني قينقاع أنّ امرأة من العرب قدمت بجلب لها، فباعته بسوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت، فعمد الصّائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلمّا قامت انكشفت سوءتها فضحكوا بها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصّائغ فقتله وكان يهوديّا وشدّ اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فغضب المسلمون، فوقع الشّرّ بينهم وبين بني قينقاع) * «١» .

٢-* (قال ابن هشام: إنّه كان من حديث الخندق أنّ نفرا من اليهود، منهم: سلام بن أبي الحقيق النّضريّ، وحييّ بن أخطب النضريّ، وكنانة ابن أبي الحقيق النّضريّ، وهوذة بن قيس الوائليّ، وأبو عمّار الوائليّ، في نفر من بني النّضير، ونفر من بني وائل- وهم الّذين حزّبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلّم- خرجوا حتّى قدموا على قريش مكّة، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقالوا: إنّا سنكون معكم عليه حتّى نستأصله فقالت لهم قريش: يا معشر يهود، إنّكم أهل الكتاب الأوّل والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمّد. أفديننا خير أم دينه؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحقّ منه فهم الّذين أنزل الله تعالى فيهم: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا* أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً.. إلى قوله


(١) السيرة لابن هشام (٤/ ٩- ١٠) .