للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويثني بخير ما استطاع. فيقول ههنا إذا «١» . قال ثمّ يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك. ويتفكّر في نفسه:

من ذا الّذي يشهد عليّ؟ فيختم على فيه. ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي. فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله وذلك ليعذر «٢» من نفسه. وذلك المنافق. وذلك الّذي يسخط الله عليه» ) * «٣» .

[الأحاديث الواردة في (التفكر) معنى]

٣-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: «سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه: الإمام العادل. وشابّ نشأ بعبادة الله. ورجل قلبه معلّق في المساجد. ورجلان تحابّا في الله، اجتمعا عليه وتفرّقا عليه. ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إنّي أخاف الله. ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتّى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، ورجل ذكر الله خاليّا، ففاضت عيناه» ) * «٤» .

٤-* (عن عمرو بن عبسة السّلميّ قال:

كنت وأنا في الجاهلية أظنّ أنّ النّاس على ضلالة وأنّهم ليسوا على شيء. وهم يعبدون الأوثان. فسمعت برجل بمكّة يخبر أخبارا. فقعدت على راحلتي.

فقدمت عليه. فإذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مستخفيا جراء «٥» عليه قومه. فتلطّفت حتّى دخلت عليه بمكّة. فقلت له: ما أنت؟ «٦» قال: «أنا نبيّ» فقلت: وما نبيّ؟

قال: «أرسلني الله» فقلت: وبأيّ شيء أرسلك؟ قال:

«أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يوحّد الله لا يشرك به شيء» قلت له: فمن معك على هذا؟

قال: «حرّ وعبد» (قال ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممّن آمن به) فقلت: إنّي متّبعك. قال: «إنّك لا تستطيع ذلك يومك هذا. ألا ترى حالي وحال النّاس؟ ولكن ارجع إلى أهلك. فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني» قال فذهبت إلى أهلي. وقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة وكنت في أهلي فجعلت أتخبّر الأخبار وأسأل النّاس حين قدم المدينة. حتّى قدم عليّ نفر من أهل يثرب من أهل المدينة. فقلت: ما فعل هذا الرّجل الّذي قدم المدينة؟

فقالوا: النّاس إليه سراع. وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك. فقدمت المدينة. فدخلت عليه.


(١) هاهنا إذا: معناه هاهنا حتى يشهد عليك جوارحك، إذ قد صرت منكرا.
(٢) ليعذر: من الإعذار. والمعنى ليزيل الله عذره من قبل نفسه بكثرة ذنوبه وشهادة أعضائه عليه، بحيث لم يبق له عذر يتمسك به.
(٣) مسلم (٢٩٦٨) وبعضه عند البخاري (١٣/ ٧٤٣٧) .
(٤) البخاري- الفتح ٣ (١٤٢٣) . مسلم (١٠٣١) واللفظ له.
(٥) جرآء- بالجيم المضمومة- جمع جريء من الجراءة، وهى الإقدام والتسلط.
(٦) قال: ما أنت؟ ولم يقل: من أنت؟ لأنه سأله عن صفته لا عن ذاته، والصفات مما لا يعقل.