للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقلت: يا رسول الله أتعرفني؟ قال: «نعم. أنت الّذي لقيتني بمكّة؟» قال فقلت: بلى. فقلت: يا نبيّ الله أخبرني عمّا علّمك الله وأجهله. أخبرني عن الصّلاة قال: «صلّ صلاة الصّبح. ثمّ أقصر «١» عن الصّلاة حتّى تطلع الشّمس حتّى ترتفع. فإنّها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفّار. ثمّ صلّ. فإنّ الصّلاة مشهودة محضورة. «٢» حتّى يستقلّ الظّلّ بالرّمح «٣» . ثمّ أقصر عن الصّلاة فإنّ حينئذ، تسجر «٤» جهنّم. فإذا أقبل الفيء فصلّ. فإنّ الصّلاة مشهودة محضورة. حتّى تصلّي العصر. ثمّ أقصر عن الصّلاة. حتّى تغرب الشّمس. فإنّها تغرب بين قرني شيطان. وحينئذ يسجد لها الكفّار» قال: فقلت: يا نبيّ الله فالوضوء؟ حدّثني عنه. قال: «ما منكم رجل يقرّب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلّا خرّت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه. ثمّ إذا غسل وجهه كما أمره الله إلّا خرّت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء. ثمّ يغسل يديه إلى المرفقين إلّا خرّت خطايا يديه من أنامله مع الماء. ثمّ يمسح رأسه إلا خرّت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء. ثمّ يغسل قدميه إلى الكعبين إلّا خرّت خطايا رجليه من أنامله مع الماء.

فإن هو قام فصلّى، فحمد الله وأثنى عليه، ومجّده بالّذي هو له أهل، وفرّغ قلبه لله، إلّا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمّه» فحدّث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال له أبو أمامة: يا عمرو بن عبسة، انظر ما تقول في مقام واحد يعطى هذا الرّجل؟ فقال عمرو: يا أبا أمامة لقد كبرت سنّي، ورقّ عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله ولا على رسول الله. لو لم أسمعه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلّا مرّة أو مرّتين أو ثلاثا (حتّى عدّ سبع مرّات) ما حدّثت به أبدا. ولكنّي سمعته أكثر من ذلك) * «٥» .


(١) أقصر عن الصلاة: بمعنى امتنع عنها، يقال: قصر عن الأمر قصورّا وأقصر وقصّر وتقاصر: انتهى. القاموس (٥٩٥) .
(٢) مشهودة: يشهدها الملائكة محضورة، يحضرها أهل الطاعات.
(٣) حتى يستقل الظل بالرمح: أي يقوم مقابله في جهة الشمال وهذه حالة الاستواء.
(٤) تسجر جهنم: أي توقد كأنه أراد الإبراد بالظهر لقوله: «أبردوا بالظهر؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم» . النهاية (٢/ ٣٤٣) .
(٥) مسلم (٨٣٢) .