للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحاديث الواردة في ذمّ البلادة (عدم الفقة) معنى

١-* (عن عديّ بن حاتم- رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله: ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟، أهما الخيطان؟ قال: «إنّك لعريض القفا «١» إن أبصرت الخيطين» . ثمّ قال: «لا. بل هو سواد اللّيل وبياض النّهار» ) * «٢» .

٢-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال:

كان رجل يخدع في البيع، فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إذا بايعت فقل لا خلابة «٣» ، فكان يقوله» ) * «٤» .

٣-* (عن جرير- رضي الله عنه- قال: كنّا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في صدر النّهار، قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النّمار «٥» أو العباء «٦» ، متقلّدي السّيوف، عامّتهم من مضر، بل كلّهم من مضر، فتمعّر «٧» وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثمّ خرج، فأمر بلالا فأذّن وأقام. فصلّى ثمّ خطب فقال: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ (النساء/ ١) إلى آخر الآية: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً، والآية الّتي في الحشر: اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ (الحشر/ ١٨) .

تصدّق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع برّه، من صاع تمره (حتّى قال) ولو بشقّ تمرة» . قال:

فجاء رجل من الأنصار بصرّة كادت كفّه تعجز عنها.

بل قد عجزت قال: ثمّ تتابع النّاس حتّى رأيت كومين «٨» من طعام وثياب. حتّى رأيت وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتهلّل «٩» كأنّه مذهبة «١٠» ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«من سنّ في الإسلام سنّة حسنة، فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء.


(١) إنك لعريض القفا: كناية عن الغباء والبلادة.
(٢) البخاري- الفتح ٨ (٤٥١٠) واللفظ له. ومسلم (١٠٩٠) .
(٣) لا خلابة: أي لا تحل لك خديعتي أو لا يلزمني خديعتك.
(٤) البخاري- الفتح ٥ (٢٤١٤) واللفظ له. ومسلم (١٥٣٣) .
(٥) مجتابي النمار: نصب على الحالية، أي لابسيها خارقين أوساطها مقورين. يقال: اجتبت القميص أي دخلت فيه. والنمار جمع نمرة، وهي ثياب صوف فيها تنمير. وقيل: هي كل شملة مخططة من مآزر الأعراب، كأنها أخذت لون النمر لما فيها من السواد والبياض. أراد أنه جاءه قوم لابسوا ثياب خشنة.
(٦) العباء: بالمد وبفتح العين، جمع عباءة وعباية، لغتان. نوع من الأكسية.
(٧) فتمعر: أي تغير.
(٨) كومين: هو بفتح الكاف وضمها. وهو بالضم: اسم لما كوم. وبالفتح: المرة الواحدة. قال: والكومة، بالضم، الصبرة. والكوم العظيم من كل شيء. والكوم المكان المرتفع كالرابية. قيل: فالفتح هنا أولى، لأن مقصوده الكثرة والتشبيه بالرابية.
(٩) يتهلل: أي يستنير فرحا وسرورا.
(١٠) مذهبة: ضبطوه بوجهين: أحدهما، وهو المشهور، مذهبة. والثاني مدهنة. قيل: هذا تصحيف. في تفسيره: أحدهما معناه فضة مذهبة، فهو أبلغ في حسن الوجه وإشراقه. والثاني: شبهه في حسنه ونوره بالمذهبة من الجلود، وجمعها مذاهب. وهي شيء كانت العرب تصنعه من جلود وتجعل فيها خطوطا مذهبة يرى بعضها إثر بعض.