للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الحياء]

[الحياء لغة:]

مصدر قولهم حيي وهو مأخوذ من مادّة (ح ي ي) الّتي تدلّ على الاستحياء الّذي هو ضدّ الوقاحة، قال أبو زيد يقال حييت منه أحيا إذا استحييت.

وقال الجوهريّ: واستحياه واستحيا منه بمعنى (واحد) من الحياء، ويقال: استحيت (بياء واحدة) وأصله استحييت فأعلّوا الياء الأولى وألقوا حركتها على الحاء، وقول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما أي لا يستبقي، والحيا مقصور: المطر والخصب، والحياء ممدود: الاستحياء، والحياء أيضا رحم النّاقة والجمع أحيية عن الأصمعيّ «١» .

وقال ابن منظور: الحياء: التّوبة والحشمة، يقال: حيي منه حياء، واستحيا، واستحى حذفوا الياء الأخيرة كراهية التقاء الياءين، و (الصّيغتان) الأخيرتان تتعدّيان بحرف وبغير حرف، يقولون: استحيا منك واستحياك واستحى منك واستحاك، والحياء يكون بمعنى الاستحياء بدليل قول جرير:

الآيات الأحاديث الآثار

٢ ٢٩ ٤٠

لولا الحياء لها جني استعبار ... ولزرت قبرك، والحبيب يزار

وروي عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «الحياء شعبة من الإيمان» ، قال بعضهم: كيف جعل الحياء وهو غريزة شعبة من الإيمان وهو اكتساب؟ والجواب في ذلك: أنّ المستحيي ينقطع بالحياء عن المعاصي، فصار كالإيمان الّذي يقطع عنها، ويحول بين المؤمن وبينها «٢» ، وقال ابن الأثير في هذا الحديث: وإنّما جعله بعض الإيمان لأنّ الإيمان ينقسم إلى: ائتمار بما أمر الله به، وانتهاء عمّا نهى الله عنه، فإذا حصل الانتهاء بالحياء كان بعض الإيمان «٣» .

أمّا الحديث الآخر وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا لم تستح فاصنع ما شئت» فله تأويلان:

أحدهما ظاهر وهو المشهور: أي إذا لم تستح من العيب ولم تخش العار ممّا تفعله فافعل ما تحدّثك به نفسك من أغراضها حسنا كان أو قبيحا، ولفظه أمر، ومعناه توبيخ وتهديد، وفيه إشعار بأنّ الذّي يردع الإنسان عن مواقعة السّوء هو الحياء، فإذا انخلع منه كان كالمأمور بارتكاب كلّ ضلالة، وتعاطي كلّ سيّئة.


(١) مفردات الراغب (١٤٠) ، مقاييس اللغة (٢/ ١٢٢) والصحاح (٦/ ٢٣٢٤) .
(٢) لسان العرب (١٤/ ٢١٧) .
(٣) النهاية (١/ ٤٧٠) .