للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لك شيئا، قد أبلغتك، وعلى رقبته بعير له رغاء يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك. وعلى رقبته صامت «١» فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك. أو على رقبته رقاع تخفق «٢» ، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك» «٣» ) * «٤» .

٨-* (عن أبي موسى- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «على كلّ مسلم صدقة» ، فقالوا: يا نبيّ الله فمن لم يجد؟ قال: «يعمل بيده ويتصدّق. قالوا: فإن لم يجد؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف «٥» » قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «فليعمل بالمعروف، وليمسك عن الشّرّ فإنّها له صدقة» ) * «٦» .

[الأحاديث الواردة في (الإغاثة) معنى]

٩-* (عن عائشة أمّ المؤمنين- رضي الله عنها- أنّها قالت: أوّل ما بديء به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الوحي الرّؤيا الصّالحة في النّوم. فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصّبح. ثمّ حبّب إليه الخلاء. فكان يخلو بغار حراء يتحنّث فيه- وهو التّعبّد- اللّيالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله. ويتزوّد لذلك. ثمّ يرجع إلى خديجة فيتزوّد لمثلها. حتّى جاءه الحقّ وهو في غار حراء. فجاءه الملك فقال: اقرأ. قال «ما أنا بقاريء» قال: فأخذني فغطّني حتّى بلغ منّي الجهد.

ثمّ أرسلني فقال: اقرأ. قال: «ما أنا بقاريء» . فأخذني فغطّني الثّانية حتّى بلغ منّي الجهد «٧» . ثمّ أرسلني فقال اقرأ فقلت: «ما أنا بقاريء» فأخذني فغطّني الثّالثة. ثمّ أرسلني فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (القلم/ ١- ٣) فرجع بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يرجف فؤاده. فدخل على خديجة بنت خويلد- رضي الله عنها- فقال: زمّلوني زمّلوني. فزمّلوه حتّى ذهب عنه الرّوع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلّا والله ما يخزيك الله أبدا، إنّك لتصل الرّحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضّيف، وتعين على نوائب الحقّ. فانطلقت به خديجة حتّى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى ابن عمّ خديجة، وكان امرءا تنصّر في الجاهليّة، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانيّة ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن عمّ اسمع من


(١) صامت: أي الذهب والفضة، وقيل: ما لا روح فيه.
(٢) رقاع تخفق: أي تتقعقع وتضطرب إذا حركتها الرياح، وقيل: معناه تلمع والمراد بها الثياب.
(٣) البخاري- الفتح ٦ (٣٠٧٣) .
(٤) يوضح هذا الحديث الشريف أن الإغاثة لا تكون لأصحاب الغلول يوم القيامة.
(٥) قال ابن حجر في الفتح: الملهوف المستغيث (٣/ ٣٦١) ، وهو أعمّ من أن يكون مظلوما أو عاجزا. قلت والإعانة هنا إغاثة له.
(٦) البخاري الفتح ٣ (١٤٤٥) ، واللفظ له، ومسلم (١٠٠٨) .
(٧) بلغ مني الجهد: يروى بنصب الجهد ورفعه ومعنى رواية النصب أن الغطّ بلغ منه المشقة والتعب، وعلى رواية الرفع بلغ منه الجهد مبلغا عظيما.