للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جحودهم ونكرانهم لفضله عزّ وجلّ، وفضل الأنبياء.

قال الطّبريّ عند تفسير وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ (البقرة/ ٢٣٧) : يقول تعالى ذكره: ولا تغفلوا أيّها النّاس، الأخذ بالفضل بعضكم على بعض فتتركوه، ولكن ليتفضّل الرّجل المطلّق زوجته قبل مسيسها، فيكمّل لها تمام صداقها إن كان لم يعطها جميعه. وإن كان قد ساق إليها جميع ما كان فرض لها، فليتفضّل عليها بالعفو عمّا يجب له ويجوز له الرّجوع به عليها، وذلك نصفه. فإن شحّ الرّجل بذلك وأبى إلّا الرّجوع بنصفه عليها، فتتفضّل المرأة المطلّقة عليه بردّ جميعه عليه، إن كانت قد قبضته منه. وإن لم تكن قبضته، فلتعف عن جميعه. فإن هما لم يفعلا ذلك وشحّا وتركا ما ندبهما الله إليه- من أخذ أحدهما على صاحبه بالفضل- فلها نصف ما كان فرض لها في عقد النّكاح وله نصفه «١» .

[منزلة الاعتراف بالفضل:]

لهذه الصّفة منزلة جليلة لما يعود منها من خير على المجتمع بأسره حيث يؤدّي ذلك إلى استقرار هذا المجتمع وتآلف أفراده وتشجيع ذوي الفضل أن يستمرّوا في تفضّلهم الّذي يلقى الاعتراف من الآخرين، ولمّا كان من طبع الإنسان أن يهشّ إذا نسب إليه الخير، وتوجّه إليه بالشّكر، كان الاعتراف بالفضل باعثا على مرضاته، بعد مرضاة الله تعالى؛ لأنّ من يشكر النّاس فإنّما هو في الحقيقة يشكر المولى الّذي أجرى الخير علي أيديهم، وقد جاء في الحديث:

أنّ «من لا يشكر النّاس لا يشكر الله» «٢» .

ويفهم من ذلك أنّ من يشكر النّاس فإنّما يشكر الله- عزّ وجلّ- أيضا، والشّكر لله يزيد في النّعمة ويورث الرّضا:

الشّكر لله كنز لا نفاد له ... من يلزم الشّكر لم يكسب به ندما

وقال الآخر:

ومن يشكر المخلوق يشكر لربّه ... ومن يكفر المخلوق فهو كفور «٣»

[للاستزادة: انظر صفات: الإنصاف- الثناء- الشكر- المروءة- التودد- بر الوالدين- البر- حسن الخلق- الحمد.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: نكران الجميل- الجحود- عقوق الوالدين- التفريط والإفراط- الإساءة- الكبر والعجب] .


(١) تفسير الطبري (٢/ ٥٦٧) .
(٢) انظر الحديث رقم (٢١) .
(٣) انظر هذين البيتين وغيرهما في روضة العقلاء (ص ٣٤٩) .