أمّا مسئوليّة الدّولة نحو الأفراد فتتلخّص فيما يلي:
١- توفير العلم لجميع أفراد المجتمع انطلاقا من قاعدة وجوب نشر العلم.
٢- إقرار النّظام العامّ المستمدّ من شريعة الله وتوفير الأمن والطّمأنينة للفرد والمجتمع ويشمل ذلك الأقلّيّات..
٣- الحفاظ على الوحدة الإسلاميّة.
٤- توفير الأمن لجميع أفراد المجتمع، فالمجتمع مسئول عن رفع مستوى أفراده، وتعاونه في سبيل تقوية نفسه.
أمّا قيادة المجتمع، فمهمّتها صعبة، ونجاح القيادة نجاح للمجتمع، وفشلها يعوق المجتمع، ولهذا نجد القرآن يلزم القيادة بالعدل والرّحمة بالجميع واتّباع الحقّ، ويبعدها عن انتظار الأجر من المجتمع، ويحذّرها من الفتنة والميل، ويمنعها من الطّغيان والفرديّة، والإفساد في الأرض، ويوجب عليها استشارة الأمّة، والاستماع إلى آرائها بما فيها الآراء المعارضة «١» .
[تحمل الفرد مسئولية إصلاح المجتمع:]
قال الدّكتور عبد الكريم زيدان: ومن خصائص النّظام الاجتماعيّ في الإسلام تحميل الفرد مسئوليّة إصلاح المجتمع، بمعنى أنّ كلّ فرد فيه مطالب بالعمل على إصلاح المجتمع وإزالة الفساد منه على قدر طاقته ووسعه، والتّعاون مع غيره لتحقيق هذا المطلوب. قال تعالى: وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ (المائدة/ ٢) .
[تعليل مسئولية الفرد عن إصلاح المجتمع:]
وإذا كان الفرد مسئولا عن إصلاح المجتمع، فما تعليل ذلك؟ ولماذا يطالب الفرد بهذا الواجب مع مطالبته بإصلاح نفسه؟ الّذي نراه، أنّ تعليل هذه المسئوليّة أو هذه المطالبة، ما يأتي:
أوّلا: الفرد يتأثّر بالمجتمع: الإنسان كائن اجتماعيّ يتأثّر بالمجتمع الّذي يعيش فيه، فتمرض روحه أو تهزل، أو تصحّ وتقوى تبعا لصلاح المجتمع أو فساده. وقد أشار النّبيّ الكريم صلّى الله عليه وسلّم إلى هذه الحقيقة، فقد جاء في الحديث الشّريف «ما من مولود إلّا يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه وينصّرانه ... الخ» فالأبوان بالنّسبة للصّغير مجتمعه الصّغير الّذي يؤثّر فيه، فيدفعه إلى الفساد أو الصّلاح، فإذا كان الأبوان ضالّين دفعاه إلى الضّلال، وأخرجاه عن مقتضى الفطرة السّليمة الّتي خلقه الله عليها، وإذا كانا صالحين أبقياه على الفطرة الّتي خلقه الله عليها. ونمّيا فيه جانب الخير. وهكذا شأن المجتمع الكبير في تأثيره في الفرد صلاحا وفسادا.
ثانيا: ضرورة قيام المجتمع الصّالح:
وقيام المجتمع الصّالح ضروريّ للفرد، لأنّ المطلوب من المسلم تحقيق الغرض الّذي خلق من أجله وهو عبادة الله وحده، قال تعالى: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (الذاريات/ ٥٦) . والعبادة اسم جامع لما يحبّه الله تعالى من الأقوال والأفعال والأحوال الظّاهرة
(١) فلسفة التربية الإسلامية في القرآن (٢٠٠- ٢٠١) .