للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقليّة، والقوى العقليّة باعتبار إدراكها للكلّيّات تسمّى القوّة النّظريّة، وباعتبار استنباطها للصّناعات الفكريّة من أدلّتها بالرّأي تسمّى القوّة العمليّة «١»

وقال الرّاغب: القوّة الّتي تستعمل للتّهيّؤ في البدن أو القلب يقال بها على وجهين: الأوّل: لما هو موجود ولكنّه لا يستعمل، والآخر لمن يمكن أن يحصل منه الفعل. مثال الأوّل: فلان كاتب بالقوّة لمن يعرف الكتابة، ولكنّه لا يكتب، ومثال الثّاني: فلان كاتب لمن يمكنه تعلّم الكتابة «٢» .

[ثانيا: الشدة:]

أصل الشّدّة: شدّة العقد، وتدلّ أيضا على القوّة في الشّيء، وفي البدن، وفي قوى النّفس «٣» ، وقال ابن منظور: الشّدّة الصّلابة وهي نقيض اللّين وتكون في الجواهر والأعراض، وكلّ شيء أحكم فقد شدّ، وفي الحديث الشّريف: «من يشادّ هذا الدّين يغلبه» أي يقاويه ويقاومه، ويكلّف نفسه من العبادة فوق طاقته والشّدّة أيضا: النّجدة وثبات القلب، وكلّ شجاع شديد «٤» .

الشّدّة اصطلاحا:

لم تذكر كتب المصطلحات الشّدّة ضمن مصطلحاتها ويمكن في ضوء ما أورده اللّغويّون والمفسّرون أن نعرّفها بأنّها: القوّة الزّائدة في ممارسة التّعامل مع النّفس أو مع الآخرين وهي حينئذ بمعنى التّشدّد الزّائد في أداء الأعمال، وضدّها الرّفق واللّين، وتقاربها الغلظة.

[حكم الشدة:]

الشّدّة تطلب في موضعين هما:

١- عند التّعامل مع الكفّار مصداقا لقوله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ.

٢- عندما تنتهك حرمات الله تعالى أو تتعدّى حدوده.

والشّدّة منهيّ عنها في موضعين أيضا:

الأوّل: في ممارسة العبادة،

الآخر: في التّعامل مع المسلمين.

[للاستزادة: انظر صفات: الرجولة- العزم والعزيمة- العفة- قوة الإرادة- كظم الغيظ- جهاد الأعداء- الثبات- النشاط- الشهامة- النبل- علو الهمة- الشجاعة.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الضعف- الوهن- التخاذل- صغر الهمة- التولي- الجبن- الكسل- التهاون- التفريط والإفراط] .


(١) التعريفات للجرجاني (١٨٨) ، والتوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (٢٧٦) وقد تصرّفنا في العبارة تصرّفا يسيرا بأن وضعنا لفظ (الكائن) بدلا من النّفس. وقد ذكر المؤلفان أنواعا عديدة للقوّة ليس هنا محل تفصيلها.
(٢) مفردات الراغب (٤١٩) بتصرف يسير.
(٣) مقاييس اللغة لابن فارس ٣/ ١٨٠، والصحاح ٢/ ٤٥٣
(٤) لسان العرب ٣/ ٢٣٢ (ط. بيروت) والنهاية لابن الأثير ٢/ ٤٥٢