للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث الواردة في (الإنصاف)]

١-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال:

اشتكى ابن لأبي طلحة، فخرج أبو طلحة إلى المسجد فتوفّي الغلام، فهيّأت أمّ سليم الميّت، وقالت لأهلها:

لا يخبرنّ أحد منكم أبا طلحة بوفاة ابنه، فرجع «١» إلى أهله، ومعه ناس من أهل المسجد من أصحابه، قال:

ما فعل الغلام؟ قالت: خير ما كان، فقرّبت إليهم عشاءهم فتعشّوا، وخرج القوم، وقامت المرأة إلى ما تقوم إليه المرأة، فلمّا كان آخر الّليل قالت: يا أبا طلحة، ألم تر إلى آل فلان، استعاروا عاريّة «٢» فتمتّعوا بها، فلمّا طلبت كأنّهم كرهوا ذاك، قال: ما أنصفوا قالت: فإنّ ابنك كان عاريّة من الله تبارك وتعالى، وإنّ الله قبضه، فاسترجع «٣» وحمد الله، فلمّا أصبح غدا على رسول الله فلمّا رآه قال: بارك الله لكما في ليلتكما، فحملت بعبد الله، فولدته ليلا، وكرهت أن تحنّكه حتّى يحنّكه رسول الله فحملته ومعي تمرات عجوة، فوجدته يهنأ «٤» أباعر له أو يسمها «٥» ، قال: فقلت: يا رسول الله، إنّ أمّ سليم ولدت الّليلة فكرهت أن تحنّكه «٦» ، حتّى يحنّكه رسول الله فقال: أمعك شيء، قلت: تمرات عجوة، فأخذ بعضهنّ فمضغهنّ، ثمّ جمع بزاقه فأوجره «٧» إيّاه، فجعل يتلمّظ «٨» فقال: حبّ الأنصار التّمر «٩» ، قال:

قلت يا رسول الله، سمّه قال: هو عبد الله) * «١٠» .

٢-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه-:

أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش، فلمّا رهقوه «١١» قال:

«من يردّهم عنّا وله الجنّة، أو هو رفيقي في الجنّة؟» فتقدّم رجل من الأنصار، فقاتل حتّى قتل، ثمّ رهقوه أيضا. فقال: «من يردّهم عنّا وله الجنّة، أو هو رفيقي في الجنّة؟» فتقدّم رجل من الأنصار، فقاتل حتّى قتل.

فلم يزل كذلك حتّى قتل السّبعة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما أنصفنا أصحابنا» «١٢» ) * «١٣» .


(١) أي رجع أبو طلحة.
(٢) العاريّة (بتشديد الياء) هي المنيحة.
(٣) الاسترجاع أن يقول المرء: «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ» .
(٤) يهنأ من هنأ البعير إذا طلاه بالهناء وهو القطران.
(٥) يسمها أي يجعل لها وسما وهو العلامة.
(٦) تحنيك الصّبيّ: أن يمضغ التمر ثم يدلك بحنك الصّبي داخل فمه.
(٧) أوجره إياه، أدخله في فيه أو في وسط حلقه.
(٨) التلمظ هو أن يدير لسانه في فيه ويحركه يتتبع أثر التمر (النهاية ٤/ ٢٧١) .
(٩) يروى بضم الحاء فيكون اسما من المحبة وذلك على سبيل المبالغة في حب الأنصار للتمر، وبكسر الحاء يكون بمعنى المحبوب، والتمر يروى منصوبا ومرفوعا، النصب على أنه مفعول المصدر ويكون الخبر محذوفا، والرفع على أنه خبر المبتدأ، وقد جاء في بعض الروايات: انظروا حب الأنصار التمر. انظر النهاية ١/ ٣٢٧ وقارن باللسان (١/ ٢٩٠) .
(١٠) المسند (٣/ ١٠٥- ١٠٦) .
(١١) رهقوه أي غشوه وقربوا منه، قال القاضي عياض: قيل لا يستعمل ذلك إلّا في المكروه، وقيل: كل شيء دنوت منه فقد رهقته.
(١٢) المعنى على هذه الرواية: ما أنصفت قريش الأنصار، لكون القرشيّين لم يخرجا للقتال، بل خرجت الأنصار واحدا تلو الآخر وقد روي أيضا: ما أنصفنا أصحابنا والمراد بالأصحاب حينئذ الذين فروا من القتال فإنهم لم ينصفوه لفرارهم.
(١٣) مسلم (١٧٨٩) .