للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث الواردة في (الفطنة)]

١-* (عن أبي سعيد- رضي الله عنه- أنّ رجلا دخل المسجد يوم الجمعة ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يخطب، فقال: «صلّ ركعتين» . ثمّ جاء الجمعة الثانية والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يخطب فقال: «صلّ ركعتين» . ثمّ جاء الجمعة الثّالثة. فقال: «صلّ ركعتين» . ثمّ قال:

«تصدّقوا» . فتصدّقوا فأعطاه ثوبين، ثمّ قال:

«تصدّقوا» . فطرح أحد ثوبيه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«ألم تروا إلى هذا إنّه دخل المسجد بهيئة بذّة، فرجوت أن تفطنوا له فتتصدّقوا عليه، فلم تفعلوا فقلت:

تصدّقوا فتصدّقتم فأعطيته ثوبين، ثمّ قلت تصدّقوا فطرح أحد ثوبيه، خذ ثوبك» وانتهره) * «١» .

٢-* (عن جابر- رضي الله عنه- قال:

انكسفت الشّمس في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم مات إبراهيم ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال النّاس: إنّما انكسفت لموت إبراهيم. فقام النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فصلّى بالنّاس ستّ ركعات بأربع سجدات. بدأ فكبّر. ثمّ قرأ فأطال القراءة. ثمّ ركع نحوا ممّا قام. ثمّ رفع رأسه من الرّكوع، فقرأ قراءة دون القراءة الأولى. ثمّ ركع نحوا ممّا قام. ثمّ رفع رأسه من الرّكوع فقرأ قراءة دون القراءة الثّانية. ثمّ ركع نحوا ممّا قام. ثمّ رفع رأسه من الرّكوع. ثمّ انحدر بالسّجود فسجد سجدتين. ثمّ قام فركع أيضا ثلاث ركعات. ليس فيها ركعة إلّا الّتي قبلها أطول من الّتي بعدها. وركوعه نحوا من سجوده. ثمّ تأخّر، وتأخّرت الصّفوف خلفه. حتّى انتهينا. (وقال أبو بكر «٢» : حتّى انتهى إلى النّساء) ثمّ تقدّم، وتقدّم النّاس معه. حتّى قام في مقامه. فانصرف حين انصرف، وقد آضت الشّمس «٣» . فقال: «يا أيّها النّاس إنّما الشّمس والقمر آيتان من آيات الله. وإنّهما لا ينكسفان لموت أحد من النّاس (وقال أبو بكر: لموت بشر) فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلّوا حتّى تنجلي. ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه. لقد جيء بالنّار. وذلكم حين رأيتموني تأخّرت مخافة أن يصيبني من لفحها «٤» .

وحتّى رأيت فيها صاحب المحجن يجرّ قصبه «٥» في النّار كان يسرق الحاجّ بمحجنه «٦» . فإن فطن له قال:

إنّما تعلّق بمحجني. وإن غفل عنه ذهب به. وحتّى رأيت فيها صاحبة الهرّة الّتي ربطتها فلم تطعمها. ولم


(١) النسائي (٥/ ٦٣) واللفظ له، باب اذا تصدق وهو محتاج إليه. وأبو داود (١٦٧٥) وقال الألباني (١٤٦٩) : حسن. وأحمد (٣/ ٢٥) .
(٢) هو أبو بكر بن أبي شيبة راوي الحديث.
(٣) وقد آضت الشمس: ومعناه رجعت إلى حالها الأول قبل الكسوف. وهو من آض يئيض، إذا رجع. ومنه قولهم: أيضا. وهو مصدر منه.
(٤) مخافة أن يصيبني من لفحها: أي من ضرب لهبها. ومنه قوله تعالى: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ (المؤمنون/ ١٠٤) . أي يضربها لهبها. والنفح دون اللفح. قال الله تعالى: وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ (الأنبياء/ ٤٦) أي أدنى شيء منه.
(٥) القصب بالضّمّ: المعى، وقيل اسم للأمعاء كلها وجمعه أقصاب.
(٦) بمحجنه: المحجن عصا معقفة الطرف.