للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هداه إلى الطّريق وللطّريق أي بيّنه له وعرّفه به.

وهداه الله إلى الإيمان وللإيمان أي أرشده إليه.

وهدي هدي فلان سار سيرته، وهدى فلانا تقدّمه. وهدى الشّيء تهدية وهو لا يهدّي إلّا أن يهدى: أي لا يقدر أن ينتقل عن مكانه إلّا أن ينقلوه.

ومعنى لا يهدّي: لا يهتدي.

والهدى: مؤنّث ويذكّر، يقال: هو على الهدى، وسل الله الهدى: أي الدّلالة على الرّشاد. والهدى:

النّهار أيضا «١» .

[الهادي من أسماء الله تعالى:]

قال الزّجّاج: الهادي: هو الّذي هدى خلقه إلى معرفته وربوبيّته وهو الّذي هدى عباده إلى صراطه المستقيم «٢» .

وقال الزّجّاجيّ- رحمه الله-: الله عزّ وجلّ الهادي يهدي عباده إليه، ويدلّهم عليه وعلى سبيل الخير والأعمال المقرّبة منه عزّ وجلّ، وقال الغزاليّ رحمه الله- الهادي- في أسمائه تعالى- هو الّذي هدى خواصّ عباده أوّلا إلى معرفة ذاته حتّى استشهدوا بها على الأشياء، وهدى عوامّ عباده إلى مخلوقاته حتّى استشهدوا بها على ذاته، وهدى كلّ مخلوق إلى ما لا بدّ له منه في قضاء حاجاته فهدى الطّفل إلى التقام الثّدي عند انفصاله، والفرخ إلى التقاط الحبّ وقت خروجه «٣» .

والهداة من العباد: الأنبياء والعلماء الّذين أرشدوا الخلق إلى السّعادة وهدوهم إلى صراط الله المستقيم، يكون المولى- عزّ وجلّ- هو الهادي على ألسنتهم، وهم مسخّرون تحت قدرته وتدبيره «٤» .

[الهدى اصطلاحا:]

قال الرّاغب: الهداية دلالة بلطف، فإن قيل كيف جعلت الهداية دلالة بلطف وقد قال تعالى:

فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (الصافات/ ٢٣) قيل: استعمال اللّفظ في ذلك على سبيل التّهكّم مبالغة في المعنى كما في قوله تعالى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (التوبة/ ٣٤) .

وقال الجرجانيّ: الهداية الدّلالة على ما يوصّل إلى المطلوب «٥» وقيل: هي سلوك طريق يوصّل إلى المطلوب. والملاحظ هنا أنّه أضاف قيد «التّوصيل إلى المطلوب» وحذف قيد «كونها بلطف» وقد جمع المناويّ بين كلّ من الرّاغب والجرجانيّ فقال: الهداية: دلالة بلطف إلى ما يوصّل إلى المطلوب «٦» .

وقال الكفويّ: الهداية هي الدّلالة على طريق من شأنه الإيصال (إلى المطلوب) سواء حصل الوصول بالفعل في وقت الاهتداء أو لم يحصل «٧» .

وقال ابن القيّم: الهداية: هي البيان والدّلالة، ثمّ التّوفيق والإلهام، وهو بعد البيان والدّلالة. ولا سبيل إلى البيان والدّلالة إلّا من جهة الرّسل، فإذا


(١) مقاييس اللغة لابن فارس (٦/ ٢٤- ٤٣) ، والمفردات للراغب (٥٤٠) وما بعدها، والصحاح (٦/ ٢٥٣٣) .
(٢) الأسماء الحسنى (٦٤) .
(٣) اشتقاق أسماء الله الحسني (١٨٧) .
(٤) المقصد الأسني (١٤٦) .
(٥) التعريفات للجرجاني (٢٧٧) .
(٦) التوقيف (٣٤٣) .
(٧) الكليات (٩٥٢) ، وقد نقل الكفوي نقاشا طويلا حول قيد الإيصال هذا بين المعتزلة وأهل السنة ليس هنا محل إيراده.