للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كرم، وحياء حشمة، وحياء استحقار النّفس (استصغارها) ، وحياء محبّة، وحياء عبوديّة، وحياء شرف وعزّة، وحياء المستحيي من نفسه.

١- فأمّا حياء الجناية: فمنه حياء آدم عليه السّلام لمّا فرّ هاربا في الجنّة. قال الله تعالى: «أفرارا منّي يا آدم؟» قال: لا يا ربّ. بل حياء منك.

٢- وحياء التّقصير: كحياء الملائكة الّذين يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون، فإذا كان يوم القيامة قالوا سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك.

٣- وحياء الإجلال: وهو حياء المعرفة، وعلى حسب معرفة العبد بربّه يكون حياؤه منه.

٤- وحياء الكرم: كحياء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من القوم الّذين دعاهم إلى وليمة زينب، وطوّلوا الجلوس عنده، فقام واستحيى أن يقول لهم: انصرفوا.

٥- وحياء الحشمة: كحياء عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه- أن يسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن المذي لمكان ابنته منه.

٦- وحياء الاستحقار، واستصغار النّفس:

كحياء العبد من ربّه عزّ وجلّ حين يسأله حوائجه، احتقارا لشأن نفسه، واستصغارا لها. وقد يكون لهذا النّوع سببان:

أحدهما: استحقار السّائل نفسه. واستعظام ذنوبه وخطاياه.

الثّاني: استعظام مسئوله (وهو المولى عزّ وجلّ) .

٧- وأمّا حياء المحبّة: فهو حياء المحبّ من محبوبه، حتّى إنّه إذا خطر على قلبه في غيبته هاج الحياء من قلبه، وأحسّ به في وجهه ولا يدري ما سببه.

وكذلك يعرض للمحبّ عند ملاقاته محبوبه ومفاجأته له روعة شديدة. ومنه قولهم «جمال رائع» وسبب هذا الحياء والرّوعة ممّا لا يعرفه أكثر النّاس.

فإذا فاجأ المحبوب محبّه، ورآه بغتة، أحسّ القلب بهجوم سلطانه عليه فاعتراه روعة وخوف.

٨- وأمّا حياء العبوديّة: فهو حياء ممتزج من محبّة وخوف، ومشاهدة عدم صلاح عبوديّته لمعبوده، وأنّ قدره أعلى وأجلّ منها. فعبوديّته له توجب استحياءه منه لا محالة.

٩- وأمّا حياء الشّرف والعزّة: فحياء النّفس العظيمة الكبيرة إذا صدر منها ما هو دون قدرها من بذل أو عطاء أو إحسان. فإنّه يستحيي مع بذله حياء شرف نفس وعزّة.

١٠- وأمّا حياء المرء من نفسه: فهو حياء النّفوس الشّريفة العزيزة الرّفيعة من رضاها لنفسها بالنّقص، وقناعتها بالدّون. فيجد نفسه مستحييا من نفسه، حتّى كأنّ له نفسين، يستحيي بإحداهما من الأخرى، وهذا أكمل ما يكون من الحياء. فإنّ العبد إذا استحيى من نفسه فهو بأن يستحيي من غيره أجدر «١» .

[الحياء والأمر بالمعروف:]

الحياء الحقيقيّ لا يمنع من الأمر بالمعروف أو النّهي عن المنكر:

قال صاحب «فضل الله الصّمد» : فإن قيل إنّ


(١) مدارج السالكين (٢/ ٢٧٢) باختصار وتصرف يسير.