للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث الواردة في (السماحة)]

١-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: قيل لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أيّ الأديان أحبّ إلى الله.

قال: «الحنفيّة السّمحة» ) * «١» .

٢-* (وعنه- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اسمح يسمح لك» ) * «٢» .

٣-* (عن أبي بكر- رضي الله عنه- قال:

أصبح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم فصلّى الغداة ثمّ جلس، حتّى إذا كان من الضّحى ضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ جلس مكانه حتّى صلّى الأولى والعصر والمغرب، كلّ ذلك لا يتكلّم، حتّى صلّ العشاء الآخرة، ثمّ قام إلى أهله، فقال النّاس لأبي بكر: ألا تسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما شأنه؟ صنع اليوم شيئا لم يصنعه قطّ، قال: فسأله، فقال: «نعم، عرض عليّ ما هو كائن من أمر الدّنيا وأمر الآخرة، فجمع الأوّلون والآخرون بصعيد واحد، ففظع النّاس «٣» بذلك، حتّى انطلقوا إلى آدم عليه السّلام والعرق يكاد يلجمهم، فقالوا: يا آدم أنت أبو البشر، اصطفاك الله عزّ وجلّ، اشفع لنا إلى ربّك، قال: لقد لقيت مثل الّذي لقيتم، انطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم، إلى نوح إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (آل عمران/ ٣٣) .

قال فينطلقون إلى نوح عليه السّلام، فيقولون: اشفع لنا إلى ربّك، فأنت اصطفاك الله واستجاب لك في دعائك، ولم يدع على الأرض من الكافرين ديّارا، فيقول: ليس ذاكم عندي، انطلقوا إلى إبراهيم عليه السّلام، فإنّ الله عزّ وجلّ اتّخذه خليلا، فينطلقون إلى إبراهيم، فيقول:

ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى موسى عليه السّلام، فإنّ الله عزّ وجلّ كلّمه تكليما، فيقول موسى عليه السّلام: ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى عيسى ابن مريم، فإنّه يبرأ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، فيقول عيسى: ليس ذاكم عندي، ولكن


(١) أحمد (١/ ٢٣٦) ورد في البخاري (باب الدين يسر) رقم (٢٩) ، الفتح (١/ ١١٦) بدون إسناد بلفظ «أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة» وقال الحافظ ابن حجر- رحمه الله-: قوله (أحب الدين) أي خصال الدين؛ لأن خصال الدين كلها محبوبة، لكن ما كان منها سمحا- أي سهلا- فهو أحب إلى الله. ويدل عليه ما أخرجه أحمد بسند صحيح من حديث أعرابي لم يسمه أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول «خير دينكم أيسره» . أو الدين يسر، أي أحب الأديان إلى الله الحنيفية. والمراد بالأديان الشرائع الماضية قبل أن تبدل وتنسخ. والحنيفية ملة إبراهيم، والحنيف في اللغة ما كان على ملة إبراهيم وسمي إبراهيم حنيفا لميله عن الباطل إلى الحق لأن أصل الحنف الميل، والسمحة السهلة، أي إنها مبنية على السهولة، لقوله تعالى: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ وهذا الحديث المعلق لم يسنده المؤلف في هذا الكتاب، لأنه ليس على شرطه، نعم وصله في كتاب الأدب المفرد، وكذا وصله أحمد بن حنبل وغيره من طريق محمد بن إسحاق عن داود ابن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس وإسناده حسن لكونه تقاصر عن شرطه، وقواه بما دل على معناه لتناسب السهولة واليسر. فتح الباري (١/ ١١٦- ١١٧) .
(٢) أحمد (١/ ٢٤٨) واللفظ له وقال الشيخ أحمد شاكر (٤/ ٥٤) : إسناده صحيح. والسيوطي في الجامع الصغير (١٠٣٧) ونسبه للطبراني والبيهقي في الشعب.
(٣) فظع من الفظاعة وهو الأمر الشديد الشنيع ومعنى فظع الناس أي اشتد عليهم الأمر وهالهم.