للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي قريش سبعة عشر رجلا كلهم يكتب ... » «١» .

[لغة القرآن:]

لقد أكد القرآن الكريم في عدد كبير من المواضع أنه قد أنزل بلسان عربي مبين «٢» ؛ قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ «٣» ، وقال سبحانه: وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا «٤» ، ووصفه بأنه: قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ «٥» ، وأنه قد فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا «٦» ، وكذلك إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ «٧» . وبهذا فقد أنزل حُكْماً عَرَبِيًّا «٨» ، وأكد الباري سبحانه لرسوله صلّى الله عليه وسلّم وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا «٩» ، وهذا التأكيد النصي القاطع يحسم المسألة بشكل ثابت ومستقر بأن القرآن الكريم قد نزل بلغة العرب على عمومها، وذلك ما يسر قراءته على الأحرف السبعة التي نصت عليها كتب القراءات وما هو واضح في أبحاث العلماء المختصين في ذلك. على أن ذلك لا يمكن أن يتعارض مع القول بأنه قد نزل بلغة قريش فقد أخرج أبو داود من طريق كعب الأنصاري أن عمر كتب إلى ابن مسعود «أن القرآن نزل بلسان قريش، فأقريء الناس بلغة قريش لا بلغة هذيل» ، وأما عطف العرب عليه فمن عطف العام على الخاص، لأن قريشا من العرب «١٠» . وقد أخرج ابن أبي داود في «المصاحف» من طريق آخر عن عمر قال: «إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوها بلسان مضر» . ومضر هو ابن نزار بن معد بن عدنان وإليه تنتهى أنساب قريش وقيس وهذيل وغيرهم «١١» . ثم أبيح أن يقرأ بلغة غيرهم ذلك «أنه نزل أولا بلسان قريش أحد الأحرف السبعة، ثم نزل بالأحرف السبعة المأذون في قراءتها تسهيلا وتيسيرا «١٢» . وأورد الإمام البخاري في باب نزول القرآن على سبعة أحرف حديثا برواية الزهري عن ابن عباس- رضي الله عتهما- «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتّى انتهى إلى سبعة أحرف» «١٣» .

ونقل الزهري رواية عن طريق عروة بن الزبير وسمعها عن طريق المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القارّيّ حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- يذكر أنه صلّى خلف هشام بن حكيم فقرأ سورة الفرقان في


(١) البلاذري- فتوح ٣/ ٥٨٠ (رقم ١١٠٤) .
(٢) القرآن الكريم- سورة الشعراء، الآية/ ١٩٥، سورة النحل، الآية/ ١٠٣.
(٣) القرآن الكريم- سورة يوسف، الآية/ ٢.
(٤) القرآن الكريم- سورة طه، الآية/ ١١٣.
(٥) القرآن الكريم- سورة الزمر، الآية/ ٢٨.
(٦) القرآن الكريم- سورة فصلت، الآية/ ٣.
(٧) القرآن الكريم- سورة الزخرف، الآية/ ٣.
(٨) القرآن الكريم- سورة الرعد، الآية/ ٣٧.
(٩) القرآن الكريم- سورة الشورى، الآية/ ٧.
(١٠) البخاري- (فتح الباري ٨/ ٦٢٥) كتاب فضائل القرآن.
(١١) المرجع السابق ٨/ ٦٢٥- ٦.
(١٢) المرجع السابق ٨/ ٦٢٦.
(١٣) المرجع السابق ٨/ ٦٣٩ (حديث رقم ٤٩٩١) .