للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويقال: قد زكأه إذا عجّل نقده.

وقول الله تعالى: وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا (مريم/ ١٣) ، معناه: وفعلنا ذلك رحمة لأبويه وتزكية له، أقام الاسم (وهو الزّكاة) مقام المصدر (وهو التّزكية) «١» .

[الزكاة اصطلاحا:]

اسم لأخذ شيء مخصوص من مال مخصوص على أوصاف مخصوصة لطائفة مخصوصة «٢» .

وعند الجرجانيّ «عبارة عن إيجاب طائفة من المال في مال مخصوص لمالك مخصوص» «٣» .

قال الماوردي: الصّدقة زكاة، والزّكاة صدقة، يفترق الاسم ويتّفق المسمّى «٤» .

وقال القاضي أبو بكر بن العربيّ: إنّما سمّيت الزكاة صدقة، لأنّه مأخوذ من الصدق في مساواة الفعل للقول والاعتقاد «٥» .

وقال: مشابهة الصّدق هاهنا للصّدقة: أنّ من أيقن من دينه أنّ البعث حقّ، وأنّ الدّار الآخرة هي المصير، وأنّ هذه الدّار الدّانية قنطرة إلى الأخرى، وباب إلى السّوأى أو الحسنى عمل لها، وقدّم ما يجده فيها، فإن شكّ فيها، أو تكاسل عنها، وآثر عليها بخل بماله، واستعدّ لآماله، وغفل عن ماله «٦» .

وقال الفيروزآباديّ: الزّكاة النّموّ الحاصل عن بركة الله تعالى. ويعتبر ذلك بالأمور الدّنيويّة والأخرويّة، وقوله تعالى: فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً (الكهف/ ١٩) . هذه المادّة عامّة في زكاة الأموال والأبدان، وزكاة النّفس وطهارتها إشارة إلى ما يكون حلالا لا يستوضح عقباه. ومنه الزّكاة لما يخرجه الإنسان من حقّ الله تعالى إلى الفقراء، وتسميته بذلك لما يكون فيه من رجاء البركة، أو لتزكية النّفس أي تنميتها بالخيرات والبركات، أو لهما جميعا؛ فإنّ الخيرين موجودان فيها. وقرن الله تعالى الزّكاة بالصّلاة في القرآن تعظيما لشأنها.

[تزكية النفس:]

وبزكاء النّفس وطهارتها يصير الإنسان زاكيا بحيث يستحقّ في الدّنيا الأوصاف المحمودة، وفي الآخرة الأجر والمثوبة، وهو أن يتحرّى الإنسان ما فيه تطهيره. واسم الزّكاة ينسب تارة إلى العبد لاكتسابه ذلك نحو قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (الشمس/ ٩) . وتارة إلى الله تعالى لكونه فاعلا لذلك في الحقيقة نحو: بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ (النساء/ ٤٩) . وتارة إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لكونه واسطة في وصول ذلك إليهم. نحو: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها (التوبة/ ١٠٣) . وتارة إلى العبادة الّتي هي آلة في ذلك نحو: وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً (مريم/ ١٣) . وقوله تعالى: لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا

(مريم/ ١٩) . أي زكيّ الخلقة عن طريق الاجتباء،


(١) لسان العرب (١٤/ ٣٥٨) .
(٢) المجموع شرح المهذب (٥/ ٣٢٥) .
(٣) التعريفات (١١٤) .
(٤) فقه الزكاة للقرضاوي (١/ ٤٠) .
(٥) المصدر السابق (١/ ٤١) .
(٦) فقه الزكاة للقرضاوي (١/ ٤١) .