للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك النّسب وإن كان أرفع منه عملا.

قال ابن عبّاس: يقول الرّجل للرّجل: أنا أكرم منك، وليس أحد أكرم من أحد إلّا بالتّقوى. قال الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ (الحجرات:

١٣) . وكذلك التّكبّر بالمال، والجمال، والقوّة، وكثرة الأتباع، ونحو ذلك، فالكبر بالمال أكثر ما يجري بين الملوك والتّجّار ونحوهم. والتّكبّر بالجمال أكثر ما يجري بين النّساء، ويدعوهنّ إلى التّنقّص والغيبة وذكر العيوب. وأمّا التّكبّر بالأتباع والأنصار، فيجري بين الملوك بالمكاثرة بكثرة الجنود، وبين العلماء بالمكاثرة بالمستفيدين.

وفي الجملة فكلّ ما يمكن أن يعتقد كمالا، فإن لم يكن في نفسه كمالا، أمكن أن يتكبّر به. حتّى إنّ الفاسق قد يفتخر بكثرة شرب الخمر والفجور لظنّه أنّ ذلك كمالا «١» .

[أنواع الكبر:]

للكبر أنواع ثلاثة:

الأوّل: الكبر على الله تعالى وهو أفحش أنواع الكبر، وذلك مثل تكبّر فرعون ونمرود حيث استنكفا أن يكونا عبدين له.

الثّاني: الكبر على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأن يمتنع المتكبّر من الانقياد له تكبّرا وجهلا وعنادا كما فعل كفّار مكّة.

الثّالث: الكبر على العباد بأن يستعظم نفسه ويحتقر غيره ويزدريه فيتأبّى عن الانقياد له ويترفّع عليه.. وهذا وإن كان دون الأوّلين إلّا أنّه عظيم إثمه أيضا؛ لأنّ الكبرياء والعظمة إنّما يليقان بالله تعالى وحده «٢» .

[حكم الكبر:]

ذكر الذّهبيّ أنّ الكبر من الكبائر واستدلّ بآيات وأحاديث عديدة، ثمّ قال: وأشرّ الكبر من يتكبّر على العباد بعلمه فإنّ هذا لم ينفعه علمه.. ومن طلب العلم للفخر والرّياسة، وبطر على المسلمين، وتحامق عليهم وازدراهم، فهذا من أكبر الكبر، ولا يدخل الجنّة من كان فى قلبه مثقال ذرّة من كبر «٣» ، وقد عدّه الإمام ابن حجر أيضا من الكبائر وجعل معه العجب والخيلاء «٤» .

[ثانيا: العجب:]

[العجب لغة:]

قال ابن منظور: العجب: الزّهوّ، ورجل معجب: مزهوّ بما يكون منه حسنا كان أو قبيحا، وقيل المعجب هو الإنسان المعجب (أي المزهوّ) بنفسه أو بالشّيء، وقيل: العجب فضلة من الحمق «٥» ، وقال الفيروزاباديّ: العجب بالضمّ: الزّهو والكبر «٦» ، يقال:


(١) انظر مختصر منهاج القاصدين (٢٢٩) .
(٢) الزواجر (٩٠) بتصرف.
(٣) الكبائر للذهبى (٧٦، ٧٨) .
(٤) انظر الزواجر (٩٠) .
(٥) لسان العرب ١/ ٥٨٢ (ط. بيروت) .
(٦) القاموس المحيط ص ١٤٤ (ط. بيروت) .