للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الإيمان]

/ الآيات/ الأحاديث/ الآثار/

/ ٤٣٧/ ٩٨/ ١٩/

[الإيمان لغة:]

مصدر آمن وهو مأخوذ من مادّة (أم ن) الّتي تدلّ على معنيين هما: الأمانة الّتي هي ضدّ الخيانة ومعناها سكون القلب، والتّصديق الّذي هو ضدّ التّكذيب، ومن المادّة أيضا الأمان وضدّه الخوف. أمّا الإيمان فضدّه الكفر، وقد أخذ هذا المعنى الأخير (من التّصديق) بإجماع أهل العلم كما يقول ابن منظور، وهو راجع إلى معنى الأمان؛ لأنّ العبد إذا آمن بالله أمّنه الله وصار في أمانه، قال- عزّ وجلّ-: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (الأنعام/ ٨٢) ، وإنّما قيل للمصدّق بالله مؤمن لأنّه لمّا صدّقه: استسلم له وأمن كلّ من كان على مثل تصديقه فلم يستحلّ ماله ودمه وعرضه فأمنه من كان مثله، فيكون المؤمنون بعضهم في أمان بعض.

من ذلك قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم حين سئل من المؤمن؟ قال:

«من أمن جاره بوائقه» وإذا كان الإيمان صفة للعبد عدّي بالباء واللّام فقيل: آمن بالله ولله؛ لأنّه يرجع إلى معنى التّصديق وإذا تكلّم به في صفة الله لم تدخل عليه اللّام أو الباء. لأنّه يراد به الأمان. «١»

[المؤمن في أسماء الله تعالى:]

قال ابن الأثير: في أسماء الله تعالى «المؤمن» وهو الّذي يصدق عباده وعده، فهو من الإيمان (بمعنى) التّصديق، أو يؤمّنهم في القيامة من عذابه، فهو من الأمان والأمن الّذي هو ضدّ الخوف «٢» .

وقال القرطبيّ: المؤمن هو المصدّق لرسله بإظهار معجزاته عليهم، ومصدّق المؤمنين ما وعدهم به من الثّواب، ومصدّق الكافرين ما أوعدهم من العقاب، وقيل المؤمن الّذي يؤمّن أولياءه من عذابه، ويؤمّن عباده من ظلمه؛ يقال: آمنه من الأمان كما قال تعالى وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (قريش/ ٤) ، فهو مؤمن، وقال النّابغة:

المؤمن العائذات الطّير يمسحها ... ركبان مكّة بين الغيل والسّند «٣» .

[واصطلاحا:]

تحدّثت عن الإيمان اصطلاحا طوائف عديدة من أهل العلم من الفقهاء وأهل الحديث والمتكلّمين والمفسّرين وغيرهم، وقد تناول ذلك كلّ من التّهانويّ والعينيّ فقالا ما خلاصته:


(١) انظر في ذلك مقاييس اللغة (١/ ١٣٣) ، اللسان (١٤٠، ١٤١) ، والصحاح (٥/ ٢٠٧١) .
(٢) النهاية في غريب الحديث ١/ ٦٩.
(٣) تفسير القرطبي ١٨/ ٣١.