للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن قدامة المقدسيّ- رحمه الله تعالى-:

اعلم أنّ السّخاء والبخل درجات: فأرفع درجات السّخاء الإيثار، وهو أن تجود بالمال مع الحاجة إليه.

وأشدّ درجات البخل، أن يبخل الإنسان على نفسه مع الحاجة، فكم من بخيل يمسك المال، ويمرض فلا يتداوى، ويشتهي الشّهوة فيمنعه منها البخل.

فكم بين من يبخل على نفسه مع الحاجة، وبين من يؤثر على نفسه مع الحاجة. فالأخلاق عطايا يضعها الله- عزّ وجلّ- حيث يشاء. وليس بعد الإيثار درجة في السّخاء. وقد أثنى الله- تعالى- على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالإيثار، فقال: وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ (الحشر/ ٩) ، وكان سبب نزول هذه الآية قصّة أبي طلحة، لمّا آثر ذلك الرّجل الجود بقوته وقوت صبيانه «١» .

[الفرق بين السخاء والجود:]

قال أبو هلال العسكريّ: الفرق بين السّخاء والجود أنّ السّخاء هو أن يلين الإنسان عند السّؤال ويسهّل مهره (إعطاءه) للسّائل من قولهم سخوت النّار إذا ألنتها ... ولذلك لا يقال لله تعالى: سخيّ، والجود كثرة العطاء من غير سؤال، من قولك: جادت السّماء إذا جادت بمطر غزير، والله تعالى جواد لكثرة عطائه فيما تقتضيه الحكمة «٢» .

[للاستزادة: انظر صفات: الإنفاق- الإيثار الجود- الكرم- الإغاثة- البر- بر الوالدين- الصدقة- صلة الرحم- المواساة- الإحسان- الزكاة.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: البخل- الشح الكنز- قطيعة الرحم- التفريط والإفراط] .


(١) مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة المقدسي (٢٠٥، ٢٠٦) .
(٢) الفروق في اللغة لأبي هلال العسكري (١٦٧) .