للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحلم على الحقيقة وهو الّذي يوصف به الفضلاء، والثّالث: فيقسم قسمين: إمّا أن يكون الجفاء ممّن لم يقع منه إلّا على سبيل الغلط ويعلم قبح ما أتى به ويندم عليه. فالصّبر عليه فرض وفضل. وأمّا من كان لا يدري مقدار نفسه ويظنّ أنّ لها حقّا يستطيل به فلا يندم على ما سلف منه، فالصّبر عليه ذلّ للصّابر وإفساد للمصبور عليه، والمعارضة له سخف، والصّواب إعلامه بأنّه كان ممكنا أن ينتصر منه، وأنّه إنّما ترك ذلك استرذالا له فقط» ) * «١» .

٥-* (عن سعيد بن عبد الرّحمن الزّبيديّ، يقول: «يعجبني من القرّاء كلّ سهل طلق مضحاك، فأمّا من تلقاه ببشر ويلقاك بضرس «٢» يمنّ عليك بعمله فلا كثّر الله في النّاس أمثال هؤلاء» ) * «٣» .

٦-* (كتب عالم إلى من هو مثله: «اكتب لي بشيء ينفعني في عمري» فكتب إليه: «استوحش من لا إخوان له، وفرّط المقصّر في طلبهم، وأشدّ تفريطا من ظفر بواحد منهم فضيّعه» ) * «٤» .

[من مضار (الجفاء)]

(١) خلق الجفاء من الغلظة، والغلظة يبغضها الله عزّ وجلّ- والملائكة والنّاس أجمعون.

(٢) الجفاء قد يكون طبعا وقد يكون تطبّعا وكلاهما سيّء، والمؤمن الحقّ يتدارك بالتّأسّي الحسن.

(٣) الجفوة بين الأحبّة فجوة للشّيطان فليحذروا دخوله بينهم.

(٤) الجافي يفرّ منه إخوانه، ويبتعدون عنه فلا يجد نفسه إلّا وحده، وعندئذ يسهل وقوعه في مصيدة الشّيطان.

(٥) مظهر من مظاهر سوء الخلق.

(٦) يورث التّفرّق والوحشة بين النّاس.


(١) كتاب مداواة النفوس (٢١٢٠) .
(٢) ضرس: بمعنى شرس.
(٣) ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان (١٩٦)
(٤) آداب العشرة (١٩)