للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإدراك، ولهذا المعنى متعلّق هو المعلوم، وله تابع في الحصول يكون وسيلة إليه في البقاء وهو الملكة، وقد أطلق لفظ العلم على كلّ منها إمّا حقيقة عرفيّة، أو اصطلاحيّة، أو مجازا مشهورة «١» . وقال في موضع آخر: العلم يقال لحصول صورة الشّيء عند العقل وللاعتقاد الجازم الثّابت والإدراك الكلّيّ والإدراك المركّب «٢» .

وقال المناويّ: العلم: هو صفة توجب تمييزا لا يحتمل النّقيض، أو هو حصول صورة الشّيء في العقل «٣» .

قال ابن العربيّ: العلم أبين من أن يبيّن، وأنكر على من تصدّى لتعريف العلم «٤» .

وقال أبو حامد الغزاليّ- رحمه الله تعالى-:

العلم هو معرفة الشّيء على ما هو به «٥» .

[الفرق بين العلم والمعرفة:]

المعرفة: تقال للإدراك المسبوق بالعدم، ولثاني الإدراكين إذا تخلّلهما عدم. والإدراك الجزئيّ. والإدراك البسيط.

والعلم: يقال لحصول صورة الشّيء عند العقل، وللاعتقاد الجازم المطابق الثّابت ولإدراك الكلّيّ، ولإدراك المركّب.

والمعرفة قد تقال فيما تدرك آثاره، وإن لم تدرك ذاته.

والعلم لا يقال إلّا فيما أدرك ذاته.

والمعرفة تقال فيما لا يعرف إلّا كونه موجودا فقط.

والعلم أصله أن يقال فيما يعرف وجوده وجنسه وكيفيّته وعلّته.

والمعرفة تقال فيما يتوصّل إليه بتفكّر وتدبّر.

والعلم قد يقال في ذلك وفي غيره «٦» .

وأيضا يستعمل العلم في المحلّ الّذي يحصّل العلم فيه لا بواسطة الكسب، ولهذا يقال: (الله عالم) ولا يقال: (عارف) ، كما لا يقال: (عاقل) فكذا الدّراية فإنّها لا تطلق على الله لما فيها من معنى الحيلة.

وفي «النّجاة» : كلّ معرفة وعلم فإمّا تصوّر وإمّا تصديق «٧» .

[أقسام العلم:]

قال ابن الجوزيّ- رحمه الله تعالى- في بيان العلم الّذي هو فريضة على كلّ مسلم: اختلفت عبارات النّاس في بيان العلم المفروض، والصّحيح أن يقال: هو علم معاملة العبد لربّه وهو يدخل في باب الاعتقاد والأفعال. وهذا العلم المفروض ينقسم إلى قسمين:

فرض عين: وهو ما يتعيّن وجوبه على الشّخص من توحيد الله ومعرفة أوامره وحدوده في العبادات والمعاملات الّتي يحتاج إليها، وفرض كفاية:


(١) الكليات للكفوي (٦١١) .
(٢) المرجع السابق (٦٨٦) .
(٣) التوقيف (٢٤٦) وفيه تفصيلات عديدة ليس هنا محل ذكرها.
(٤) الفتح (١/ ١٤١) .
(٥) الإحياء (٢٩٨) .
(٦) الكليات (٨٦٨) .
(٧) المرجع السابق (٦١١) .