للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤- من ناحية السّمع والبصر والملكات:

يقول تعالى: وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا (الإسراء/ ٢٦) .

٥- من ناحية النّعيم والمال: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (التكاثر/ ٨) .

وقال صلّى الله عليه وسلّم: «لا تزول قدما عبد حتّى يسأل عن عمره فيم أفناه. وعن شبابه فيم أبلاه. وعن علمه فيم عمل فيه. وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه؟» .

[المسئولية شخصية:]

من المبادىء الّتي قرّرها الإسلام قصر المسئوليّة على المسئول وحده. قال تعالى: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (البقرة/ ١٤١) . قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (سبأ/ ٢٥)

فلا يؤخذ بريء بجريرة مذنب، ولا يشترك أهله فيما اقترفت يداه، أو نسب إليه.

وقد كان التّشريع اليونانيّ القديم يقضي بالإعدام على المجرم نفسه، وعلى جميع أفراد أسرته في الخيانة العظمى، وفي انتهاك الأشياء المقدّسة.

وحماية للإمام المسلم من الانزلاق في الظّلم جاء قوله تعالى: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (الإسراء/ ١٥) . وقوله تعالى: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ (الإسراء/ ٣٣) .

[اشتراك الراعي والرعية:]

الرّاعي والرّعيّة يدان تتعاونان على خير الأمّة.

ورعاية مصالحها. وكفالة الأمن على حياة النّاس وأعراضهم وأموالهم.

ولا يستقيم أمر الأمّة. ولا تتّسق شئونها إلّا إذا قام كلّ من الحاكم والمحكوم بمسئوليّاته، وأخلص المعاونة لصاحبه. قال صلّى الله عليه وسلّم: «كلّكم راع، وكلّكم مسئول عن رعيّته: الإمام راع ومسئول عن رعيّته، والرّجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيّته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيّتها، والخادم راع في مال سيّده ومسئول عن رعيّته، والرّجل راع في مال أبيه وهو مسئول عن رعيّته. وكلّكم راع ومسئول عن رعيّته» .

ولكي تنجح الأمّة في مسيرتها. وتحقّق غايتها لا بدّ من أن ينهض كلّ بمسئوليّاته. وإليك تفصيل ذلك:

أوّلا: مسئوليّة الرّاعي:

١- التّسوية بين الرّعيّة: أمر الله الحاكم بالعدالة حتّى يسوّي بين النّاس جميعا. قال تعالى:

وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى (المائدة/ ٨) . وقال تعالى: فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا (النساء/ ١٣٥) . وقال تعالى: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى (ص/ ٢٠) .

وخرج صلّى الله عليه وسلّم في مرضه الأخير بين الفضل بن العبّاس وعليّ بن أبي طالب حتّى جلس على المنبر ثمّ قال: «أيّها النّاس، من كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالا فهذا