مالي فليأخذ منه. ولا يخش الشّحناء، فإنّها ليست من شأني. ألا وإنّ أحبّكم إليّ من أخذ منّي حقّا إن كان له، أو حلّلني فلقيت ربّي وأنا طيّب النّفس» .
وقال صلّى الله عليه وسلّم لأهل بيته: «يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف، لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عبّاس بن عبد المطّلب، لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفيّة عمّة رسول الله، لا أغني عنك من الله شيئا، يا فاطمة بنت محمّد، سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئا» .
هذا الينبوع الفيّاض الغزير سرت منه العدالة إلى الخلفاء والولاة.
٢- رعاية مصالح النّاس: على الحاكم رعاية المصالح الدّينيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والأمنيّة بإقامة المساجد للعبادة. وإنشاء المدارس للتّعليم.
ونشر المستشفيات للعلاج. وشقّ التّرع لإحياء الأرض، وتكوين المجتمعات اهتماما للزّراعة والصّناعة والتّجارة. وفتحا لمجالات العمل أمامهم.
فمن عجز عن العلم قامت الدّولة برعايته،:
يحفظ التّاريخ أنّ عمر- رضي الله عنه- رأى شيخا من أهل الذّمّة يسأل، فقال له: ما الّذي يحملك على ذلك؟ قال: الحاجة. قال عمر: لقد فرضنا لك سهما في بيت مال المسلمين. ما كنّا لنأخذ منك الجزية وأنت شابّ، ونضيّعك وأنت شيخ.
قال ابن عمر: إنّ رفقة من التّجّار نزلوا المصلّى، فقال عمر لعبد الرّحمن بن عوف: هل لك أن تحرسهم اللّيلة من السّرقة؟ فباتا يحرسان ويصلّيان ما كتب الله، فسمع عمر في جوف اللّيل بكاء طفل فتوجّه نحوه وقال لأمّه: اتّقي الله، وأصغي إلى طفلك.
ثمّ عاد إلى مكانه. فسمع بكاءه، فعاد إلى أمّه وقال مقالته، وعاد إلى مكانه، فلمّا كان آخر اللّيل سمع بكاء الصّبيّ، فقال لأمّه: ويحك، مالي أرى ابنك لا يقرّ منذ اللّيلة؟ قالت:- وهي لا تعرفه- يا عبد الله، قد أبرمتني طول اللّيل، إنّي أعالجه على الفطام فيأبى إلّا رضاعا. قال عمر: ولم؟ قالت: لأنّ عمر لا يفرض إلّا للفطيم. قال: وكم لابنك؟ قالت: كذا وكذا شهرا. قال لها: ويحك لا تعجليه. ثمّ صلّى الفجر، وما يستبين النّاس قراءته من غلبة البكاء!! فلمّا انتهى من صلاته قال: يا بؤسا لعمر! كم قتل من أولاد المسلمين؟ ثمّ أمر مناديا ينادي: لا تعجلوا صبيانكم على الفطام، فإنّا نفرض لكلّ مولود في الإسلام.
٣- حسن اختيار البطانة: حسن اختيار الأعوان من الأمناء المخلصين ذوي الدّراية والكفاية ممّا يحقّق الغايات والأهداف. ويزيل من دنيا النّاس الوساطة والمحسوبيّة والرّشوة. قال صلّى الله عليه وسلّم: «من ولي منكم عملا فأراد الله به خيرا جعل له وزيرا صالحا، إن نسي ذكّره، وإن ذكر أعانه» . وقال عمر لبعض عمّاله:
إنّي لم أستعملكم على أمّة محمّد، على أعشارهم ولا على أبشارهم- جلودهم- وإنّما استعملتكم عليهم لتقيموا بهم الصّلاة، وتقضوا بينهم بالحقّ، وتقسموا بينهم بالعدل، لا تجلدوا المسلمين فتذلّوهم، ولا تضيّعوا حقوقهم فتفتنوهم.
٤- إعطاء القدوة الحسنة: الحاكم سوق ما