للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التّبذير، وكانت الجاهليّة تنحر إبلها وتتياسر عليها «١» ، وتبذّر أموالها في الفخر والسّمعة وتذكر ذلك في أشعارها فنهى الله تعالى عن النّفقة في غير وجوه البرّ، وما يقرّب منه تعالى) * «٢» .

١٨-* (وقال- رحمه الله تعالى- أيضا: وأخوّة المبذّرين للشّياطين في قوله تعالى: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ.. الآية) تعني كونهم قرناءهم في الدّنيا، وفي النّار في الآخرة، وتدلّ هذه الأخوّة على أنّ التّبذير هو في معصية الله تعالى (أو المعنى) أنّهم يطيعونهم فيما يأمرونهم به من الإسراف في الدّنيا) * «٣» .

١٩-* (وقال ابن الجوزيّ- رحمه الله تعالى:

العاقل يدبّر بعقله معيشته في الدّنيا، فإن كان فقيرا اجتهد في كسب وصناعة تكفّه عن الذّلّ للخلق، وقلّل العلائق «٤» ، واستعمل القناعة، فعاش سليما من منن النّاس عزيزا بينهم وإن كان غنيّا فينبغي له أن يدبّر في نفقته خوف أن يفتقر فيحتاج إلى الذّلّ للخلق، ومن البليّة أن يبذّر في النّفقة ويباهي بها ليكمد الأعداء، كأنّه يتعرّض بذلك- إن أكثر- لإصابته بالعين، وينبغي التّوسّط في الأحوال، وكتمان ما يصلح كتمانه، ولقد وجد بعض الغسّالين مالا، فأكثر النّفقة، فعلم به، فأخذ منه المال، وعاد إلى الفقر، وإنّما التّدبير حفظ المال، والتّوسّط في الإنفاق، وكتمان ما لا يصلح إظهاره) * «٥» .

[من مضار (التبذير)]

(١) فيه طاعة للشّيطان ومعصية للرّحمن.

(٢) يباعد من الجنّة ويقرّب من النّار.

(٣) المبذّر أخ للشّيطان.

(٤) في التّبذير رجوع إلى الجاهليّة وعاداتها القبيحة وفيه مفاخرة ممقوتة.

(٥) في التّبذير إتلاف للمال، وتضييع له.

(٦) التّبذير عند الموت لا يعدّ من الصّدقة المقبولة وهو مردود على صاحبه.

(٧) التّبذير يؤدّي للفقر ويحتاج صاحبه- فيما بعد- إلى الذّلّ للخلق.

(٨) المبذّر معرّض للعين، والحسد والحقد عليه.

(٩) في التّبذير اتّباع للهوى وبعد عن الحقّ.

(١٠) التّبذير يشعر الإنسان بالمرارة خاصة إذا اقترب الأجل.


(١) تتياسر عليها أي تضرب عليها بالقداح وهو الميسر المنهي عنه.
(٢) تفسير البحر المحيط ٦/ ٢٧.
(٣) المرجع السابق، الصفحة نفسها.
(٤) العلائق، ما يتعلق به الإنسان ويرى اقتناءه، وهو يشبه ما نسميه بالطموحات في أمور المعيشة.
(٥) صيد الخاطر ٦١٠.