للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلامي وتعميق مبادىء الإسلام وقيمه في نفوس المسلمين، واستخدم هذه الوسيلة أيضا صحابة رسول الله- رضوان الله عليهم- وجاء استخدام القصة لأغراض شتى ومتنوعة وبأشكال شتى أيضا، كلها تؤدى إلى تعميق القيم أو تأسيسها، وتتمثل تلك الأغراض فيما يلي:

١- غرس القيم الخلقية:

تعرضت القصة القرآنية والنبوية لقضايا ومعايير تنمية القيم الخلقية، كالثبات على العقيدة، والتمسك بها، وعدم التنازل عن مبادئها، وبطريقة التكرار لتؤكد على «تعميق هذه المواقف وترسيخها في نفوس المسلمين، لتستقر في وجداناتهم ومشاعرهم ولتكون معلما يضىء لهم الطريق وهم يواجهون ما يواجهون من ألوان الاضطهاد والتنكيل بسبب ما يعتقدونه من دين وما يؤمنون به من عقيدة» «١» . كما تتعرض القصة للصلاة وفضلها، والصدقة وفضلها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتوبة، والأمانة والصدق، وغير ذلك من قيم إسلامية صحيحة أكدتها القصة ودعت إلى التزامها، سواء فيما يتصل بالسلوك الفردي أو السلوك مع الجماعة وما يصون عليها وحدتها وأفعالها من قيم «٢» .

إن القصة في المصادر الأصيلة تهدف إلى إيجاد عواطف متجاوبة مع تعاليم الإسلام وقيمه وأخلاقه، وذلك مما يدعو إلى الالتزام بهذه القيم، والأمثلة كثيرة ومتنوعة، فالقصص القرآني والنبوي زاخر وغني بالقيم الإسلامية، ونجد فيها توظيفا لإمكانيات القصة في سبيل تحقيق هذا الغرض وهو تنمية القيم الإسلامية، إلى جانب الأغراض الأخرى، فقد كانت «تسعى إلى هدفها بسلوك طرق مختلفة، لها أثرها الحيوي في تربية الإنسان وتوجيهه والأخذ بيده نحو الأفضل، وهو أثر نابع من الاستجابة الطبيعية التي يحس بها الإنسان، وهو يتعامل مع تلك الوسائل، لأنها وسائل تتجاوب مع إمكاناته النفسية، وما جبل عليه من طبائع واستعدادات وقوى، وتوقع على أوتارها ما تنشده من غايات تربوية» «٣» .

٢- تأكيد العقيدة وتعميقها في وجدان الناس:

باعتبارها القيمة الأساسية التي تقوم عليها وتحيا في ظلها جميع فروع الدين وجزئياته ونظمه، وذلك كتأكيد قضية وحدانية الله وإفراده بالألوهية والعبادة.

ولأهمية البناء العقيدي للمسلم فردا وجماعة، ولأهمية مبدأ التوحيد المحرر للإنسان وللجماعة تهتم القصة بعرض جزئيات قيم العقيدة، كصفات الله تعالى، والتأكيد على أنه هو المهيمن المتصرف في هذا الوجود، وأنه تعالى


(١) محمد بن حسن الزير، مرجع سابق، ص ٣٩٠.
(٢) المرجع السابق، ص ٣٩٧- ٤٠٢.
(٣) المرجع السابق، ص ٤٤٤.