للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعمر بن الخطاب العدوي، وعبد الرحمن بن عوف الزهري، وعثمان بن مظعون الجمحي، لتبين لنا ذلك. وإضافة إلى هؤلاء فقد خرج اعتناق الإسلام عن إطار رجالات قريش، فعبد الله بن مسعود من هذيل، وعتبة بن غزوان من مازن، وعمار بن ياسر من مذحج، وزيد بن حارثة من كلب، والطفيل بن عمرو من دوس، وعبد الله بن قيس من الأشعريين، وهكذا فلم يقتصر اعتناق الإسلام على أفراد ينتمون إلى قريش أو يقيمون في مكة.

[أول من أسلم:]

وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «١» : لقد كانت خديجة- رضي الله عنها- أول من آمن بمحمد صلّى الله عليه وسلّم من البشر كما هو واضح من حديث بدء الوحي عند ما بشرته وصدقته فيما أخبرها به وخديجة «مثل طيب للمرأة التي تكمل حياة الرجل العظيم. إن أصحاب الرسالات يحملون قلوبا شديدة الحساسية، ويلقون غبنا بالغا من الواقع الذي يريدون تغييره، ويقاسون جهادا كبيرا في سبيل الخير الذي يريدون فرضه. وهم أحوج ما يكونون إلى من يتعهد حياتهم الخاصة بالإيناس والترفيه، بله الإدراك والمعونة! وكانت خديجة سبّاقة إلى هذه الخصال، وكان لها في حياة محمد صلّى الله عليه وسلّم أثر كريم» «٢» ، ولذلك نالت خديجة مكانة عليّة عند ربها (عز وجل) فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: «أتى جبريل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السّلام من ربّها ومنّي وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولا نصب» «٣» .

ولما كان علي بن أبي طالب يعيش حينذاك في كنف الرسول صلّى الله عليه وسلّم فقد تأثر بالنبي، فكان أول من أسلم من الصغار أو من الشباب. وكان في العاشرة من عمره «٤» . كما كان من أوائل من أسلم زيد بن حارثة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «٥» . أما أول من أسلم من الرجال من خارج بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم باتفاق الجمهور فهو أبو بكر الصديق «٦» «وكان أبو بكر رجلا مؤلفا لقومه، محببا سهلا، وكان أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بها وبما كان فيها من خير وشر، وكان رجلا تاجرا ذا خلق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه ... لعلمه وتجارته وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام من وثق به من قومه، ممن يغشاه ويجلس إليه.. فأسلم على يديه.. عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فجاء بهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين استجابوا له فأسلموا» «٧» .


(١) القرآن الكريم- سورة الواقعة ١٠- ١١.
(٢) محمد الغزالي- فقه السيرة ص/ ٧٥.
(٣) البخاري- فتح الباري ٧/ ١٦٦ (حديث رقم ٣٨٢٠) ، مسلم- الصحيح (شرح النووي) ١٥/ ١٩٩.
(٤) الترمذي- الجامع ٥/ ٦٤٢، أحمد- المسند ص/ ٣٣٠- ٣٣٢، ابن هشام- السيرة ١/ ١٥٣.
(٥) ابن هشام- السيرة ١/ ١٥٤.
(٦) البخاري- الصحيح (فتح الباري ٤/ ٤٧٥، ٦/ ١٨، ٧/ ٢٠٧- ٢٠٨، ابن كثير- السيرة ١/ ٤٣٤.
(٧) ابن هشام- السيرة ١/ ١٥٥.