للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الاعتبار]

[الاعتبار لغة:]

مصدر «اعتبر» وهو مأخوذ من مادّة (ع ب ر) الّتي تدلّ على النفوذ والمضيّ في الشّيء، يقال: عبرت النّهر عبورا، وعبر النّهر (بالفتح والكسر) شطّه..

والمعبر شطّ نهر هيّيء للعبور، والمعبر سفينة يعبر عليها النّهر، ومن الباب العبرة، قال الخليل: عبرة الدّمع جريه، قال: والدّمع أيضا عبرة؛ لأنّ الدّمع يعبر أي ينفذ ويجري.

فأمّا الاعتبار والعبرة فهما عند ابن فارس مقيسان من عبري النّهر (أي شاطئيه) لأنّ كلّ واحد منهما مساو لصاحبه، فذاك عبر لهذا وهذا عبر لذاك، فإذا قلت اعتبرت الشّيء، فكأنّك نظرت إلى الشّيء فجعلت ما يعنيك عبرا لذاك فتساويا عندك، هذا اشتقاق الاعتبار. وقال تعالى: فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (الحشر/ ٢) كأنّه قال: انظروا إلى من فعل ما فعل فعوقب بما عوقب به، فتجنّبوا مثل صنيعهم لئلّا ينزل بكم مثل ما نزل بأولئك، ومن الدّليل على صحّة هذا القياس قول الخليل: عبّرت الدّنانير تعبيرا إذا وزنتها دينارا دينارا، والعبرة الاعتبار بما مضى «١» .

الآيات/ الأحاديث/ الآثار

١٣/ ٢/ ٢٢

وقال الرّاغب: أصل العبر تجاوز من حال إلى حال، فأمّا العبور فيختصّ بتجاوز الماء.. ومنه عبر النّهر لجانبه حيث يعبر إليه (المرء) أو منه، واشتقّ منه عبر العين للدّمع والعبرة كالدّمعة، وقيل عابر سبيل أي المارّ وعبر القوم إذا ماتوا كأنّهم عبروا قنطرة الدّنيا، والاعتبار والعبرة (يكون) بالحالة الّتي يتوصّل بها من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد، قال تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً* «٢» وقال: فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ «٣» «٤» ، وفي حديث أبي ذرّ: «فما كانت صحف موسى؟ قال: كانت عبرا كلّها» ، والعبر جمع عبرة وهي كالموعظة ممّا يتّعظ به الإنسان ويعمل به ويعتبر ليستدلّ به على غيره «٥» والعبرة أيضا: الاعتبار بما مضى، وقيل: العبرة الاسم من الاعتبار، والعرب تقول: اللهمّ اجعلنا ممّن يعبر الدّنيا ولا يعبرها، أي ممّن يعتبر بها ولا يموت سريعا حتّى يرضيك بالطّاعة، ويقال: عبرت عينه واستعبرت: دمعت وعبر عبرا واستعبر: بدت عبرته وحزن. وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه- أنّه ذكر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثمّ استعبر فبكى هو، استفعل من العبرة وهي تحلّب الدّمع «٦» .


(١) مقاييس اللغة (٤/ ٢٠٩، ٢١٠) (بتصريف يسير) .
(٢) الآية ١٣ من سورة آل عمران و٢٦ من النازعات.
(٣) الآية ٢ من سورة الحشر.
(٤) مفردات الراغب (٣٢٠) .
(٥) النهاية (٣/ ١٧١) .
(٦) لسان العرب (عبر) ص ٢٧٨٢.