للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرق بين الحق والباطل «١» .

[المقاطعة ودخول المسلمين شعب أبي طالب:]

ذكر البخاري في صحيحه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد حدد خيف بني كنانه للموضع الذي تقاسمت فيه قريش على الكفر، وتحالفت على مقاطعة بني هاشم «٢» غير أنه لم تثبت رواية في تفاصيل حادثة مقاطعة قريش للمسلمين، وفي تفاصيل دخول المسلمين شعب أبي طالب، على الرغم من أن أصل الحادث ثابت «٣» ، كما أن ذلك لا يعني عدم وقوع تفاصيل الحادث تاريخيّا «٤» ، ولقد وردت الأخبار عن المقاطعة ودخول المسلمين الشعب في مراسيل عروة بن الزبير وتلاميذه الزهري وأبي الأسود «٥» . أما عن تاريخ بداية الحصار، فإنه وقع بعد فشل قريش في استعادة المسلمين المهاجرين إلى الحبشة، فلما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد كثروا وعزّوا بعد إسلام حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب- رضي الله عنهما-، وأن المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة قد نزلوا بلدا أصابوا به أمنا وقرارا، وأن النجاشي قد منع المسلمين وأمّنهم، وأن الإسلام بدأ يفشو في القبائل؛ أهاجها الأمر واشتد بلاؤهم على المسلمين في مكة، وعزمت قريش على قتل النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأجمع بنو عبد المطلب أمرهم على أن يدخلوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شعبهم وأن يحموه، فدخلوا الشعب جميعا مسلمهم وكافرهم، ولم يشذ عن ذلك إلّا أبو لهب بن عبد المطلب فقد انحاز إلى كفار قريش وظاهرهم.

أجمع مشركو قريش أمرهم، وائتمروا بينهم على أن لا يجالسوا بني هاشم وبني المطلب، ولا يخالطوهم ولا يبيعوهم ولا يدخلوا بيوتهم حتى يسلموا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للقتل، وكتبوا في ذلك صحيفة «٦» علقوها في جوف الكعبة المشرفة في هلال المحرم سنة سبع من المبعث، وجزم موسى بن عقبة «٧» بأن المقاطعة استمرت ثلاث سنين، صمد خلالها المسلمون ومن شايعهم من بني هاشم والمطلب، واشتد عليهم البلاء والجهد والجوع، ولم يكن يأتيهم من الأقوات إلّا خفية «٨» . وكان ممن يصلهم حكيم بن حزام، وهشام بن عمرو العامري، وزهير بن أبي أمية، والمطعم بن عدي، وزمعة بن الأسود، وأبو البحتري بن هشام بن الحارث، وكانت تربطهم ببني هاشم والمطلب صلات


(١) ابن سعد- الطبقات ٣/ ٢٧٠ بأسانيد ضعيفة، ابن الجوزي- تاريخ عمر بن الخطاب ص/ ٢٣، ٣٠، ٣١، الذهبي السيرة ص/ ١٧٩.
(٢) البخاري- الصحيح (فتح الباري) ٧/ ١٩٢، ٨/ ١٤، مسلم- الصحيح (بشرح النووي) ٩/ ٥٩.
(٣) البخاري- الصحيح (فتح الباري) ٧/ ١٩٣.
(٤) أكرم العمري- السنة الصحيحة ١/ ١٨١.
(٥) أبو نعيم- دلائل ١/ ٣٥٧- ٣٦٢، البيهقي- دلائل النبوّة ٢/ ٣١١- ٣١٤، ابن عبد البر- الدرر ص/ ٢٧- ٣٠.
(٦) ابن إسحاق- السير والمغازي ص/ ١٥٦- ١٦٧، ابن هشام- السيرة ١/ ٤٣٠ بدون إسناد، نقله ابن حجر في فتح الباري وهي عند البيهقي- دلائل النبوة ٢/ ٣١١ موقوفة على الزهري، عروة بن الزبير- المغازي ص/ ١١٤- ١١٦ موقوفة على عروة، ونقلها أبو نعيم- الدلائل ١/ ٢٧٢- ٢٧٥، وانظر ابن سعد- الطبقات ١/ ٢٠٨- ٢١٠.
(٧) ابن حجر- فتح الباري ١٥/ ٣٨، ابن سعد- الطبقات ١/ ٢٠٨- ٢١٠، الذهبي- السيرة ص/ ٢٢١ بأسانيد ضعيفة.
(٨) ابن سعد- الطبقات ١/ ٢٠٨- ٢١٠.