للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث الواردة في «التوحيد»]

١-* (عن عمرو بن عبسة السّلميّ قال: كنت وأنا في الجاهليّة، أظنّ أنّ النّاس على ضلالة، وأنّهم ليسوا على شيء وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل بمكّة يخبر أخبارا، فقعدت على راحلتي فقدمت عليه، فإذا رسول الله مستخفيا، جرآء عليه قومه «١» ؛ فتلطّفت حتّى دخلت عليه بمكّة، فقلت له: ما أنت؟ قال:

«أنا نبيّ» ، فقلت: وما نبيّ؟ قال: «أرسلني الله» ، فقلت: وبأيّ شيء أرسلك؟ قال: «أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحّد الله لا يشرك به شيء» ، قلت له: فمن معك على هذا؟ قال: «حرّ وعبد» (قال: ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممّن آمن به) ، فقلت: إنّي متّبعك. قال: «إنّك لا تستطيع ذلك يومك هذا ألا ترى حالي وحال النّاس؟ ولكن ارجع إلى أهلك، فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني» قال:

فذهبت إلى أهلى وقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة، وكنت في أهلي فجعلت أتخبّر الأخبار وأسأل النّاس حين قدم المدينة، حتّى قدم عليّ نفر من أهل يثرب من أهل المدينة. فقلت: ما فعل هذا الرّجل الّذي قدم المدينة؟

فقالوا: النّاس إليه سراع، وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك، فقدمت المدينة، فدخلت عليه.

فقلت: يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أتعرفني؟ قال: «نعم. أنت الّذي لقيتني بمكّة؟» . قال: فقلت: بلى. فقلت: يا نبيّ الله، أخبرني عمّا علّمك الله وأجهله. أخبرني عن الصّلاة. قال: «صلّ صلاة الصّبح، ثمّ أقصر عن الصّلاة حتّى تطلع الشّمس حتّى ترتفع، فإنّها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفّار. ثمّ صلّ، فإنّ الصّلاة مشهودة «٢» محضورة «٣» حتّى يستقلّ الظّلّ بالرّمح، ثمّ أقصر عن الصّلاة فإنّ حينئذ تسجر جهنّم «٤» ، فإذا أقبل الفيء فصلّ، فإنّ الصّلاة مشهودة محضورة حتّى تصلّي العصر، ثمّ أقصر عن الصّلاة حتّى تغرب الشّمس فإنّها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفّار» قال فقلت: يا نبيّ الله، فالوضوء؟ حدّثني عنه.

قال: «ما منكم رجل يقرّب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلّا خرّت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، ثمّ إذا غسل وجهه كما أمره الله إلّا خرّت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثمّ يغسل يديه إلى المرفقين إلّا خرّت خطايا يديه مع أنامله مع الماء، ثمّ يمسح رأسه إلّا خرّت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثمّ يغسل قدميه إلى الكعبين إلّا خرّت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام فصلّى، فحمد الله وأثنى عليه، ومجّده بالّذي هو له


(١) جرآء جمع جرئ مثل برآء، والمراد أنّهم يتجرّأون على إيذائه.
(٢) مشهودة: يشهدها الملائكة.
(٣) محضورة: يحضرها أهل الطاعات.
(٤) اسم إن محذوف وهو ضمير الشأن. ومعنى تسجر جهنم: يوقد عليهم إيقادا.