للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل، وفرّغ قلبه لله، إلّا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمّه» ) *» .

٢-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: لمّا بعث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم معاذا إلى نحو أهل اليمن، قال له: إنّك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أوّل ما تدعوهم إلى أن يوحّدوا الله تعالى، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أنّ الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلّوا فأخبرهم أنّ الله افترض عليهم زكاة أموالهم تؤخذ من غنيّهم فتردّ على فقيرهم، فإذا أقرّوا بذلك فخذ منهم وتوقّ كرائم أموال النّاس» ) * «٢» .

٣-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال:

«بني الإسلام على خمسة: على أن يوحّد الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وصيام رمضان، والحجّ، فقال رجل: الحجّ وصيام رمضان؟ قال: لا: صيام رمضان، والحجّ، هكذا سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» ) * «٣» .

٤-* (عن أمّ سلمة- رضي الله عنها- قالت: لمّا نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار، النّجاشيّ، أمنّا على ديننا، وعبدنا الله لا نؤذى، ولا نسمع شيئا نكرهه، فلمّا بلغ قريشا ائتمروا أن يبعثوا إلى النّجاشيّ فينا رجلين جلدين «٤» ، وأن يهدوا للنّجاشيّ هدايا ممّا يستطرف من متاع مكّة ... ثمّ إنّهما قرّبا هداياهم إلى النّجاشيّ، فقبلها منهما ثمّ كلّماه فقالا له:

أيّها الملك إنّه قد صبا إلى بلدك منّا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردّهم إليهم، فهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه، قالت: ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع

النّجاشيّ كلامهم. فقالت بطارقته حوله: صدقوا أيّها الملك، قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم، فأسلمهم إليهما فليردّاهم إلى بلادهم وقومهم، قال: فغضب النّجاشيّ ثمّ قال: لاها الله، أيم الله، إذن لا أسلمهم إليهما ولا أكاد، قوما جاوروني نزلوا بلادي واختاروني على من سواي، حتّى أدعوهم فأسألهم ماذا يقول هذان في أمرهم؟ فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني، قالت: ثمّ أرسل إلى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدعاهم، فلمّا جاءهم رسوله اجتمعوا، ثمّ قال بعضهم لبعض، ما تقولون للرّجل إذا جئتموه؟ قالوا: نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم، كائن في ذلك ما هو كائن، فلمّا جاءوه، وقد دعا النّجاشيّ أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله، سألهم فقال: ما هذا الدّين الّذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم؟ قالت: فكان الّذي كلّمه جعفر بن أبي طالب، فقال له: أيّها الملك، كنّا قوما أهل جاهليّة، نعبد


(١) مسلم (٨٣٢) واللفظ له، وأحمد (٤/ ١١٢) .
(٢) البخاري- الفتح (٧٣٧٢) ، ومسلم (١٩) .
(٣) البخاري- الفتح ١ (٨) ، وسلم (١٦) .
(٤) جلدين مثنى جلد وهو الرّجل القوي في نفسه وجسده.