للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التبليغ والتبيين]

/ الآيات/ الأحاديث/ الآثار/

/ ٥٩/ ٣٤/ ١٦/

[التبليغ لغة:]

مصدر قولهم: بلّغ يبلّغ تبليغا، وهو مأخوذ من مادّة (ب ل غ) الّتي تدلّ على «الوصول إلى الشّيء» ، ومن ذلك: بلغت المكان إذا وصلت إليه، ومن هذا الباب قولهم: هو أحمق بلغ وبلغ أي أنّه مع حماقته يبلغ ما يريده. والبلغة ما يتبلّغ به من عيش، كأنّه يراد أنّه يبلغ رتبة المكثر إذا رضي وقنع، وكذلك البلاغة الّتي يمدح بها الفصيح، لأنّه يبلغ بها ما يريده. ولي في هذا بلاغ: أي كفاية «١» .

وقال الرّاغب: البلوغ والبلاغ الانتهاء إلى أقصى المقصد والمنتهى مكانا كان أو زمانا أو أمرا من الأمور المقدّرة، وربّما يعبّر به عن المشارفة على الانتهاء، والبلاغ: التّبليغ في نحو قوله عزّ وجلّ هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ (إبراهيم/ ٥٢) . والبلاغ أيضا: الكفاية في قوله تعالى: إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ (الأنبياء/ ١٠٦) «٢» .

وقال الجوهري: الإبلاغ: الإيصال وكذلك التّبليغ، والاسم منه: البلاغ، يقال بلّغت الرّسالة، وبالغ فلان في أمري إذا لم يقصّر فيه. وتبلّغ بكذا، أي اكتفى به، وتبلّغت به العلّة أي اشتدّت، والبلاغة:

الفصاحة وبلغ فلان (بالضّمّ) إذا صار بليغا «٣» ، وقال ابن منظور: بلغ الشّيء يبلغ بلوغا وبلاغا: وصل وانتهى، وأبلغه هو إبلاغا وبلّغه تبليغا أوصل الشّيء إليه وتبلّغ بالشّيء: وصل إلى مراده، وبلغ مبلغ فلان ومبلغته، والبلاغ في حديث الاستسقاء «واجعل ما أنزلت لنا قوّة وبلاغا إلى حين» هو ما يتبلّغ به ويتوصّل إلى الشّيء المطلوب.

[التبليغ اصطلاحا:]

التّبليغ من الصّفات الّتي يجب اعتقادها للرّسل الكرام عليهم الصّلاة والسّلام، وقد عرّفه العلماء فقالوا: التّبليغ: أن يبلّغ الرّسول كلّ ما أمر بتبليغه فلا يخفي منه شيئا، ولا يكتمه بحال من الأحوال وألّا تحمله رهبة على أن يكتم بعضا ممّا أوحي إليه وأمر بإبلاغه للنّاس «٤» .

ويوخذ ممّا ذكر القرطبيّ وغيره من المفسّرين:

أنّ التّبليغ منوط أيضا بحملة العلم من هذه الأمّة بحيث يجب عليهم ألّا يكتموا شيئا من أمر هذه الشّريعة وأن يبلّغوها للنّاس ومن ثمّ يكون التّبليغ:


(١) مقاييس اللغة (بتصرف يسير) ١/ ٣٠٢.
(٢) المفردات للراغب (٦٠) .
(٣) الصحاح (٤/ ١٣١٦) .
(٤) عقيدة المؤمن، لأبي بكر الجزائري (٢٧٢) .