للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقوم إذا تعهّدها المربّي ... على ساق الفضيلة مثمرات

ولم أر للخلائق من محلّ ... يهذّبها كحضن الأمّهات «١»

وحتّى تستطيع الأمّ القيام بهذه المهمّة فلا بدّ من أن يتهيّأ لها من يكفل أمر القيام بمعاشها والسّعي على رزقها ورعاية مصالحها، ولذلك فقد ارتبطت قوامة الرّجال على أمور الأسرة بدرجة الرّجولة وبالإنفاق، قال تعالى: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ (النساء/ ٣٤) .

٤- حقّ المعاشرة بالمعروف أو المفارقة بالمعروف، يقول الله تعالى: وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (النساء/ ١٩) ، وقال عزّ وجلّ: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ (الطلاق/ ٢) .

٥- جعل الإسلام للمرأة نصيبا مفروضا في تركة الرّجل سواء أكانت هذه المرأة أمّا أو ابنة أو زوجا أو أختا، وضمن لها بذلك الحقّ في الحياة الحرّة الكريمة في حياة أهلها أو بعد رحيلهم.

[تكريم الأقليات في المجتمع الإسلامي:]

لقد قضى الإسلام قضاء مبرما على كافّة أنواع التّمييز العنصريّ القائم على اختلاف اللّون أو الجنس، فالأبيض كالأسود والعربيّ كالعجميّ لا يتفاضلون ولا يتمايزون إلّا بالتّقوى والعمل الصّالح، فأكرم النّاس أتقاهم كما جاء في الآية الكريمة يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (الحجرات/ ١٣) . أمّا غير المسلم فإنّه يعيش مكرّما لا يجوز لأحد أن ينتقصه أو ينتهك عرضه أو ماله أو دمه، أو يجبره على ما يكره، قال تعالى: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (البقرة/ ٢٥٦) ، وقال المصطفى صلّى الله عليه وسلّم حاثّا على استقرار وتلاحم المجتمع بكافّة عناصره:

«من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنّة وإنّ ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما» «٢» ، وقال صلّى الله عليه وسلّم: «ألا من ظلم معاهدا أو انتقص منه أو كلّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة» «٣» .

ومن مظاهر التّكريم نهي الإسلام عن التّعذيب سواء كان المعذّب مسلما أو ذمّيّا، روى عروة ابن الزّبير أنّ هشام بن حكيم وجد رجلا وهو (وال) على حمص يشمّس ناسا من القبط في أداء الجزية، فقال: ما هذا؟

سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ الله يعذّب الّذين يعذّبون النّاس في الدّنيا» «٤» . ولو لم يعرف هشام أنّ هذا الوعيد يشمل المعذّبين من أهل الذمّة كما يشمل المسلمين لمّا ذكّر به الوالي الّذي كان يقوم- عن جهل بقواعد الإسلام السّمحة- بتعذيب بعض القبط.

[للاستزادة: انظر صفات: الإنصاف- الألفة- بر الوالدين- حسن العشرة- حسن الخلق- حسن المعاملة- صلة الرحم- عيادة المريض- كفالة اليتيم التعاون على البر والتقوى- المواساة- المروءة.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الأذى- الإساءة- الاستهزاء- السخرية- العدوان- عقوق الوالدين- قطيعة الرحم- نكران الجميل- القسوة- الجحود- سوء المعاملة] .


(١) هذه أبيات شعر لكبير شعراء العراق معروف عبد الغني الوصافي.
(٢) البخاري- الفتح ٦ (٣١٦٦) .
(٣) أبو داود ٣ (٣٠٥٢) .
(٤) المرجع السابق ٣ (٣٠٤٥) .