للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الجرجانيّ: وهو في زماننا (أي في القرن الثّامن للهجرة حيث توفّي الجرجانيّ ٧٤٠ هـ) كلّ لعب يشترط فيه الغالب من المتغالبين أخذ شيء من الملعوب معه «١» .

وذكر الكفويّ أنّ الميسر: كلّ شيء فيه خطر «٢» والمعنى كلّ لعب يؤدّي إلى المخاطرة بفقد المال نتيجة لذلك اللّعب، وقد أكّد الذّهبيّ هذا المعنى عندما قال:

الميسر: هو القمار بأيّ نوع كان، مثل النّرد والشّطرنج أو الفصوص، أو الكعاب، أو البيض، أو الجوز، أو الحصى، أو ما شابه ذلك، وهو من أكل أموال النّاس بالباطل «٣» .

[لماذا نهى الإسلام عن الميسر؟]

للقمار أضرار عديدة منها: أنّه يوقع العداوة والبغضاء بين المتقامرين، وأنّه يلهي عن ذكر الله وعن الصّلاة وسائر الأعمال المفيدة، فضلا عن أنّه عادة جاهليّة، من دعا إليها أو مارسها فكأنّه حاكى الكفّار في لعبهم، وقد جاء النّهي عن ذلك عقب النّهي عن الحلف باللّات.

وقال الطّيبيّ: الحكمة من ذكر القمار بعد الحلف باللّات في قوله صلى الله عليه وسلّم أنّ من حلف باللّات وافق الكفّار في حلفهم فأمر بالتّوحيد، ومن دعا إلى المقامرة وافقهم في لعبهم فأمر بكفّارة ذلك بالتّصديق. قال:

وفي الحديث: أنّ من دعا إلى اللّعب فكفّارته أن يتصدّق، ويتأكّد ذلك في حقّ من لعب بطريق الأولى «٤» .

قال الحكيم التّرمذيّ: نهى الشّارع عن النّرد وعن اللّعب به، وعن محالفة اللّاعب بالنّرد ونهى عن القمار كلّه وعن اللّعب بالجوز للصّبيان فهذا كلّه من القمار وهو الميسر. قال القاسم بن محمّد: كلّ ما ألهى عن ذكر الله وعن الصّلاة فإنّما نهى عن ذلك كلّه لأنّه الأمر الملهي يدعو إلى القمار، فأمّا بيع الشّطرنج والنّرد فهو شيء لا ثمن له؛ لأنّه لا نفع فيه ولو كسر وأحرق لم يضمن الكاسر شيئا، وقد رخّص ابن عمر للصّبيان في اللّعب بالجوز في أيّام العيد فيما روي عنه؛ لأنّ ذلك منهم غير طلب القمار والّذي جاء من النّهي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم تأديب لهم، واللّعب كلّه باطل، وما خلق الخلق للّعب «٥» .

[للاستزادة: انظر صفات: اللهو واللعب- البغض- شرب الخمر- العصيان- الفسوق- انتهاك الحرمات- اتباع الهوى- التفريط والإفراط.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الاستقامة- الذكر- الطاعة- العبادة- العمل- تعظيم الحرمات التقوى] .


(١) بتصرف عن التعريفات (١٨٧) .
(٢) الكليات (٨٠٣) .
(٣) الكبائر للذهبى (٨٨) .
(٤) فتح الباري (٨/ ١١) .
(٥) المنهيات (٦٩) .