للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنّ موسى عليه السّلام قال: يا ربّ سألتك التّوبة لقومي فقلت إنّ رحمتي كتبتها لقوم غير قومي هلّا أخّرتني حتّى تخرجني في أمّة ذلك الرّجل المرحومة فقال له: إنّ توبتهم أن يقتل كلّ رجل منهم من لقي من والد وولد بالسّيف ولا يبالي من قتل في ذلك الموطن وتاب أولئك الّذين كان خفي على موسى وهارون واطّلع الله من ذنوبهم فاعترفوا بها وفعلوا ما أمروا وغفر الله للقاتل والمقتول ثمّ سار بهم موسى عليه السّلام متوجّها نحو الأرض المقدّسة «١» .

ويوضّح الشّاهد من هذا الأثر أثر ابن مسعود الآتي:

- عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-: قال: كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنبا أصبح قد كتب كفّارة ذلك الذّنب على بابه وإذا أصاب البول شيئا منه قرضه بالمقراض فقال رجل: لقد آتى الله بني إسرائيل خيرا فقال عبد الله ما آتاكم الله خير ممّا آتاهم جعل الله الماء لكم طهورا وقال: وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ «٢» وقال: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ

«٣» مَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً «٤» .

- وقال القاضي أبو بكر بن العربيّ المالكي «٥» - رحمه الله-: كان من قبلنا من الأمم صومهم الإمساك عن الكلام مع الطّعام والشّراب، فكانوا في حرج، فأرخص الله لهذه الأمّة بحذف نصف زمانها، وهو اللّيل، وحذف نصف صومها، وهو الإمساك عن الكلام ورخّص لها فيه «٦» .

يوم الجمعة:»

اختصّت الأمّة المحمّديّة بخصائص كثيرة في الدّنيا لم تعطها غيرها من الأمم. ومن ذلك يوم الجمعة سيّد الأيام خير يوم طلعت فيه الشّمس، فيه خلق آدم عليه السّلام، وفيه أدخل الجنّة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم


(١) قال الحافظ ابن كثير عن حديث الفتون الطويل: رواه النسائي في السنن الكبرى، وأخرجه ابن جرير، وابن حاتم في تفسيريهما ... وهو موقوف من كلام ابن عباس وليس فيه مرفوع إلا قليل منه. انظر تفسير ابن كثير (٣/ ١٦٠، ١٦١) .
(٢) سورة آل عمران: آية رقم (١٣٥) .
(٣) سورة النساء: آية رقم (١١٠) .
(٤) الأثر أخرجه ابن جرير في تفسيره (٥/ ١٧٥) وأورده ابن كثير في تفسيره (١/ ٥٦٥، ٥٦٦) .
(٥) انظر كتابه عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي (٣/ ٢٢٩) .
(٦) أورد الحافظ ابن كثير في تفسيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله تعالى- حكاية عن مريم عليها السلام-: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً قال صمتا، قال ابن كثير: وكذا قال ابن عباس- رضي الله عنهما- والضحاك، وفي رواية عن أنس- رضي الله عنه-: صوما وصمتا. وكذا قال قتادة وغيرهما. والمراد أنهم كانوا إذا صاموا في شريعتهم يحرم عليهم الطعام والكلام. نص على ذلك السدي وقتادة وعبد الرحمن بن زيد. انظر تفسير ابن كثير (٣/ ١٢٤) ، وكذلك تفسير ابن جرير (١٦/ ٥٦) . وتفسير القرطبي (١١/ ٩٨) .
(٧) انظر الخصائص للسيوطي (٢/ ٣٥٣) .