للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث الواردة في (الصبر والمصابرة)]

١- عن أميّة الشّعبانيّ، قال: سألت أبا ثعلبة الخشنيّ فقلت: يا أبا ثعلبة، كيف تقول في هذه الآية عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ؟ (المائدة/ ١٠٥) قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتّى إذا رأيت شحّا مطاعا وهوى متّبعا ودنيا مؤثرة، وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه، فعليك- يعني بنفسك- ودع عنك العوامّ فإنّ من ورائكم أيّام الصّبر، الصّبر فيه مثل قبض على الجمر، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله» ) * «١» .

٢- (عن عمرو بن عبسة- رضي الله عنه- قال: أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقلت يا رسول الله، من تبعك على هذا الأمر؟ قال: «حرّ وعبد» . قلت: ما الإسلام؟

قال: «طيب الكلام، وإطعام الطّعام» . قلت: ما الإيمان؟ قال: «الصّبر والسّماحة» . قال: قلت: أيّ الإسلام أفضل؟ قال: «من سلم المسلمون من لسانه ويده» . قال: قلت: أيّ الإيمان أفضل؟ قال: «خلق حسن» . قال: قلت: أيّ الصّلاة أفضل؟ قال: «طول القنوت» . قال: قلت: أيّ الهجرة أفضل؟ قال: «أن تهجر ما كره ربّك- عزّ وجلّ-» ... الحديث) * «٢» .

٣-* (عن أسامة بن زيد- رضي الله عنهما- قال: أرسلت ابنة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إليه: إنّ ابنا لي قبض، فأتنا.

فأرسل يقرأ السّلام ويقول: «إنّ لله ما أخذ وله ما أعطى.

وكلّ عنده بأجل مسمّى. فلتصبر ولتحتسب» . فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينّها. فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبيّ بن كعب وزيد بن ثابت ورجال، فرفع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الصّبيّ ونفسه تتقعقع «٣» - قال حسبته أنّه قال: كأنّها شنّ «٤» - ففاضت عيناه. فقال سعد: يا رسول الله: ما هذا؟ فقال: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده. وإنّما يرحم الله من عباده الرّحماء» ) * «٥» .

٤- (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه-، أنّ أناسا من الأنصار قالوا يوم حنين، حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء. فطفق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل. قالوا:

يغفر الله لرسول الله. يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم!. قال أنس بن مالك فحدّث ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، من قولهم. فأرسل إلى الأنصار. فجمعهم في قبّة من أدم «٦» . فلمّا اجتمعوا جاءهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

قال: «ما حديث بلغني عنكم؟» فقال له فقهاء الأنصار: أمّا ذوو رأينا، يا رسول الله! فلم يقولوا شيئا.

وأمّا أناس منّا حديثة أسنانهم، قالوا يغفر الله لرسوله.

يعطي قريشا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم!، فقال


(١) أبو داود (٤٣٤١) وهذا لفظه، والترمذي (٣٠٥٨) وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجة (٤٠١٤) ، وشرح السنة (١٤/ ٣٤٨) ، وقال محققه: للحديث شواهد يتقوى بها. وقال الألباني في ضعيف أبي داود (٤٣٠) : لكن فقرة أيام الصبر ثابتة.
(٢) أحمد (٤/ ٣٨٥) واللفظ له، وابن ماجة (٢٧٩٤) . وأصله عند مسلم.
(٣) تتقعقع: تتحرك وتضطرب.
(٤) شنّ: هو القربة الخلق الصغيرة.
(٥) البخاري الفتح ٣ (١٢٨٤) واللفظ له، ومسلم (٩٢٣) .
(٦) في قبة من أدم: القبّة من الخيام: بيت صغير مستدير. ومن أدم معناه من جلود.