للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فإنّي أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألّفهم. أفلا ترضون أن يذهب النّاس بالأموال، وترجعون إلى رحالكم برسول الله؟ فو الله! لما تنقلبون به خير ممّا ينقلبون به» فقالوا: بلى. يا رسول الله! قد رضينا. قال: «فإنّكم ستجدون أثرة «١» شديدة.

فاصبروا حتّى تلقوا الله ورسوله. فإنّي على الحوض» .

قالوا: سنصبر) * «٢» .

٥-* (عن عثمان بن حنيف: أنّ رجلا ضرير البصر أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: ادع الله أن يعافيني، قال:

«إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك» .

قال: فادعه. وقال: فأمره أن يتوضّأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدّعاء «اللهمّ إنّي أسألك، وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرّحمة، إنّي توجّهت بك إلى ربّي في حاجتي هذه لتقضى لي، اللهمّ فشفّعه فيّ» ) * «٣» .

٦-* (عن أسيد بن حضير: أنّ رجلا من الأنصار خلا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: ألا تستعملني كما استعملت فلانا. فقال: «إنّكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتّى تلقوني على الحوض» ) * «٤» .

٧-* (عن عبد الله بن أبي أوفى- رضي الله عنهما-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان في بعض أيّامه الّتي لقي فيها العدوّ ينتظر حتّى إذا مالت الشّمس قام فيهم فقال: «يا أيّها النّاس لا تتمنّوا لقاء العدوّ، واسألوا الله العافية. فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أنّ الجنّة تحت ظلال السّيوف» . ثمّ قام النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقال: «اللهمّ منزّل الكتاب، ومجري السّحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم» ) * «٥» .

٨-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما-: أنّ مولاة له أتته فقالت: اشتدّ عليّ الزّمان، وإنّي أريد أن أخرج إلى العراق. قال: فهلّا إلى الشّام أرض المنشر واصبري لكاع «٦» فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:

«من صبر على شدّتها ولأوائها «٧» كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة» ) * «٨» .

٩-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه-:

أنّ ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأعطاهم، ثمّ سألوه فأعطاهم. حتّى إذا نفد ما عنده قال: «ما يكن عندي من خير فلن أدّخره عنكم. ومن يستعفف يعفّه الله، ومن يستغن يغنه الله. ومن يصبر يصبّره الله وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصّبر» ) * «٩» .

١٠-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما-:

أنّه قال لعطاء: ألا أريك امرأة من أهل الجنّة؟ قلت:


(١) أثرة: فيها لغتان إحداهما ضم الهمزة وإسكان الثاء وأصحهما وأشهرهما: بفتحهما جميعا والأثرة الاستئثار بالمشترك.
(٢) البخاري- الفتح ٧ (٣٧٩٣) ، ومسلم (١٠٥٩) واللفظ له
(٣) الترمذي (٣٥٧٨) وقال: حديث حسن صحيح. وأورده السيوطي في الجامع الصغير وصححه الشيخ الألباني (١٢٩٠) . وزاد أحمد وابن خزيمة والحاكم «وشفعني فيه» وهي من الأدلة الكثيرة على أن التوسل والتوجه المذكور في الحديث هو بدعائه صلّى الله عليه وسلّم لأن معناها: اقبل شفاعتي: أي في دعائه وكذلك قوله «فشفعه في» أي اقبل شفاعته أي دعاءه. ذكر هذه الفائدة الشيخ الألباني في صحيح الجامع (١/ ٤٠٤) .
(٤) البخاري- الفتح ٧ (٣٧٩٢) ، مسلم (١٨٤٥) واللفظ له.
(٥) البخاري- الفتح ٦ (٣٠٢٤، ٣٠٢٥) ، مسلم (١٧٤٢) واللفظ له.
(٦) لكاع: يقال امرأة لكاع ورجل لكع، ويطلق ذلك على اللئيم وعلى العبد وعلى الغبي الذي لا يفهم كلام غيره وعلى الصغير. وخاطبها ابن عمر بهذا إنكارا عليها وليس المراد وصفها بذلك المعنى.
(٧) أي لأواء المدينة. واللأواء: الشدة وضيق العيش.
(٨) رواه الترمذي (٣٩١٨) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث عبيد الله. وأصل الحديث عند مسلم (٤٨١، ٨٤٣، ١٠٠٤) .
(٩) البخاري- الفتح ١١ (٦٤٧٠) ، ومسلم (١٠٥٣) واللفظ له.