للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الآثار وأقوال العلماء الواردة في ذمّ (إفشاء السر)

١-* (يروى أنّ معاوية- رضي الله عنه- أسرّ إلى الوليد بن عتبة حديثه فقال عتبة لأبيه: يا أبت إنّ أمير المؤمنين أسرّ إليّ حديثا، وما أراه يطوي عنك ما بسطه إلى غيرك، قال: فلا تحدّثني به، فإنّ من كتم سرّه كان الخيار إليه، ومن أفشاه كان الخيار عليه، قال:

فقلت: يا أبت، وإنّ هذا ليدخل بين الرّجل وابنه؟

فقال: لا والله يا بنيّ ولكن أحبّ ألّا تذلّل لسانك بأحاديث السّرّ، قال: فأتيت معاوية فأخبرته فقال: يا وليد أعتقك أبوك من رقّ الخطإ فإفشاء السّرّ خيانة» ) * «١» .

٢-* (قال الحسن- رضي الله عنه-: إنّ من الخيانة أن تحدّث بسرّ أخيك) * «٢» .

٣- عن عمرو بن العاص- رضي الله عنه- قال: عجبت من الرّجل يفرّ من القدر وهو مواقعه، ويرى القذاة في عين أخيه ويدع الجذع «٣» في عينيه، ويخرج الضّغن «٤» من نفس أخيه، ويدع الضّغن في نفسه، وما وضعت سرّي عند أحد فلمته على إفشائه، وكيف ألومه وقد ضقت به ذرعا» ) * «٥» .

٤- قال العبّاس لابنه عبد الله: إنّي أرى هذا الرّجل- يعني عمر بن الخطّاب- رضي الله عنهم أجمعين- يقدّمك على الأشياخ فاحفظ عنّي خمسا:

لا تفشينّ له سرّا، ولا تغتابنّ عنده أحدا، ولا تجرينّ عليه كذبا، ولا تعصينّ له أمرا، ولا يطّلعنّ منك على خيانة، قال الشّعبيّ، كلّ كلمة من هذه الخمس خير من ألف) * «٦» .

٥-* (قال الغزاليّ: أفشى بعضهم سرّا له إلى أخيه، ثمّ قال له: هل حفظت؟ قال: بل نسيت) * «٧» .

٦-* (قال الثوريّ: إذا أردت أن تؤاخي رجلا فأغضبه، ثمّ دسّ عليه من يسأله عنك وعن أسرارك، فإن قال خيرا وكتم سرّك فاصحبه) * «٨» .

٧-* (وقال ذو النّون المصري: لا خير في صحبة من لا يحبّ أن يراك إلّا معصوما، ومن أفشى السّرّ عند الغضب فهو اللّئيم لأنّ إخفاءه عند الرّضا تقتضيه الطّباع السّليمة كلّها) * «٩» .

٨- قال أبو حاتم: الإفراط في الاسترسال بالأسرار عجز، وما كتمه المرء من عدوّه، فلا يجب أن


(١) إحياء علوم الدين ٣/ ١٣٢.
(٢) السابق، الصفحة نفسها.
(٣) يدع الجذع في عينه، الجذع ساق النخلة والمراد أنه يرى عيبه صغيرا أو عيب غيره كبيرا.
(٤) الضغن بكسر الضاد، الحقد كالضغينة.
(٥) فضل الله الصمد ٢ (٣٣٤) (باب إفشاء السر) (٨٨٦) .
(٦) إحياء علوم الدين للغزالي ٢/ ١٩٥.
(٧) إحياء علوم الدين ٢/ ١٩٥.
(٨) السابق، الصفحة نفسها، وعلاقة هذا بالإفشاء أن من ذكر الشر وأفشى السر ينبغي ألا يصاحب أو يتخذ صديقا.
(٩) إحياء علوم الدين ٢/ ١٩٥.