للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أم لا؟ ثمّ أصلّي قريبا منه وأسارقه النّظر. فإذا أقبلت على صلاتي نظر إليّ، وإذا التفتّ نحوه أعرض عنّي ... » الحديث وفيه: «فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهي عن كلامنا. قال: ثمّ صلّيت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا. فبينا أنا جالس على الحال الّتى ذكر الله- عزّ وجلّ- منّا. قد ضاقت عليّ نفسي، وضاقت عليّ الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على سلع «١» يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر. قال: فخررت ساجدا ... - الحديث وفيه- «قال: فأنزل الله- عزّ وجلّ-: لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ* وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) (التوبة/ ١١٧- ١١٨) حتّى بلغ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (التوبة/ ١١٩) . قال كعب: والله ما أنعم الله عليّ من نعمة قطّ بعد إذ هداني الله للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الّذين كذبوا. إنّ الله قال للّذين كذبوا حين أنزل الوحي شرّ ما قال لأحد. وقال الله: سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ* يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (التوبة/ ٩٥- ٩٦) .

قال كعب: كنّا خلّفنا أيّها الثّلاثة عن أمر أولئك الّذين قبل منهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين حلفوا له، فبايعهم، واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمرنا حتّى قضى الله فيه. فبذلك قال الله- عزّ وجلّ-:

وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا. وليس الّذي ذكر الله ممّا خلّفنا تخلّفنا عن الغزو. وإنّما هو تخليفه إيّانا، وإرجاؤه أمرنا عمّن حلف له واعتذر إليه فقبل منه) * «٢» .

من الآثار الواردة في ذمّ (القلق)

١-* (عن عبد الله بن الزّبير- رضي الله عنهما- قال: لمّا وقف الزّبير يوم الجمل دعاني فقمت إلي جنبه فقال: يا بنيّ لا يقتل اليوم إلّا ظالم أو مظلوم، وإنّي لا أراني إلّا سأقتل اليوم مظلوما، وإنّ من أكبر همّي لديني، أفترى يبقى ديننا من مالنا شيئا؟ فقال: يا بنيّ بع ما لنا، فاقض ديني. وأوصى بالثّلث، وثلثه لبنيه يعني بني عبد الله بن الزّبير، يقول: ثلث الثّلث، فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدّين فثلثه


(١) أوفى على سلع: أي صعده وارتفع عليه. وسلع جبل بالمدينة معروف.
(٢) البخاري- الفتح ٧ (٤٤١٨) ، ومسلم (٢٧٦٩) واللفظ له.